ذكريات ونجوم / أطول حديث مع نور الشريف (الحلقة الثانية)
كيف تغيّر إسمي من «محمد جابر» الى «نور الشريف»
قلت جملة واحدة في أول مسرحية ظهرت بها في التلفزيون
عادل إمام هو الذي رشحني للسينما عند حسن الإمام
التهبت عيناي كالنار عندما واجهتا أضواء الأستديو!..
في حديثه لـ«الموعد» عام 1980 تحدث النجم الراحل نور الشريف عن تفاصيل مشواره الفني منذ البداية.
كيف عثر نور الشريف فجأة على الشهرة..
إن المعهد العالي للفنون المسرحية كان مزدحماً بالطلاب فكيف كان هو المحظوظ الوحيد من بينهم، وأي ظروف هي التي وضعته أمام الأضواء، وجعلت منه واحداً من الفتيان الأوائل البارزين على الشاشة.
كان نور الشريف يستريح على مقعد هزّاز يداوي به ألماً في ظهره..
أقول لنور الشريف
• إذن.. عارضت عائلتك في أن تكون ممثلاً؟
فيجيب:
- ظلت تعارض - بالكلام طبعاً - ولم تتبدل هذه المعارضة إلا منذ خمس سنوات فقط، عندما تأكد لهم بأنني لم أخطئ في اختيار التمثيل مهنة لي.
وأسأله:
• وبعد أن أصبح إسمك: نور الشريف؟
وأجاب:
- فعلاً..
قلت:
• ولكن.. كيف أصبح إسمك نور الشريف.. من اختار لك هذا الإسم؟
قال:
- هل عندك فكرة عن شيء يوصف بإسم.. الدلع؟
أجبت:
• طبعاً.. ولكن ما علاقة إسم الدلع بالموضوع؟
قال النجم الشاب:
- جرت العادة في الأحياء الشعبية أن يكون لكل إنسان إسمان، وليس إسماً واحداً.. الإسم الحقيقي هو المسجّل في شهادة الميلاد، وإسم الدلع هو الذي يناديه به الأهل والأصدقاء، وإسمي المسجّل في شهادة الميلاد هو محمد جابر، ولكن الناس كانوا ينادونني في الحي والبيت بإسم «نور» بحيث أنني شخصياً لم أكن أعرف أن لي إسماً غيره، وقد حدث مرة، في أول دخولي المدرسة الابتدائية، أن ناداني المدرّس بإسمي الحقيقي فلم أرد، وعندما اقترب مني وسألني عن سبب عدم الرد، قلت له بأن إسمي هو «نور» وعندئذٍ أبرز لي صورة عن شهادة ميلادي، ومن يومها عرفت أن إسم «نور» هو إسم الدلع، وليس إسمي الحقيقي، بل وعرفت أيضاً ما كنت أجهله وهو أن عمي إسماعيل ليس والدي!.
ولكن..
• إسم نور.. هو الذي تغلّب في نهاية الأمر على إسم: محمد جابر؟
- وقال محمد جابر الشهير بـ«نور الشريف» وهو يروي قصة إسمه:
- كان ذلك عندما وقع الاختيار عليّ في المعهد العالي للفنون المسرحية لتمثيل دور «روميو» في مسرحية «روميو وجولييت»، وقيل لي في المعهد إن إسم «محمد جابر» ليس سهلاً على السمع، فقلت لهم إن لي إسم دلع هو «نور» ووافقت الإدارة على إسم «نور»، ولأن أختي عواطف كانت معجبة بعمر الشريف فإنها اقترحت أن يكون إسمي «نور الشريف» وفعلاً.. ظهر إسمي الجديد لأول مرة في إعلانات مسرحية «روميو وجولييت»!.
وأسأله:
• ولكن.. ألم تتخلّ فيما بعد نهائياً عن إسمك الحقيقي؟
ويجيب شارحاً السبب:
- إن الذي حدث هو أنني أخذت أصادف الكثير من المتاعب والمشاكل بسبب اختلاف إسمي الفني عن إسمي المسجّل في بطاقتي الشخصية أو جواز سفري، وخصوصاً.. في المهرجانات السينمائية الدولية، حيث لم أكن أستقبل كممثل سينمائي، ولا أدعى مع الوفود الرسمية، ولا يعرف أحد أن محمد جابر هو نفسه نور الشريف، ولكي أتلافى ذلك فإنني قدّمت طلباً الى وزارة الداخلية لتغيير إسمي المسجّل في بطاقتي الشخصية وأشهرت في الصحف أن إسمي تغيّر من محمد جابر الى نور الشريف، وإني أتحمّل بإسمي الجديد كل الالتزامات التي ترتبت عليّ وأنا أحمل إسمي القديم، وهكذا.. أصبح إسمي الحقيقي هو نفس إسمي الفني!.
قلت:
• على أية حال.. لا بد وأن يكون سبب ما لإسم «نور» الذي كنت تُنادَى به كإسم دلع؟
أجاب:
- لقد قيل لي إن جدي لوالدي كان يريد تسميتي بإسم نور، ووالدي أصرّ على أن يكون إسمي «محمد».. وتحقّقت رغبة الإثنين!
ونكمل الحديث.. وأقول له:
• متى خرجت بصورة جادة الى الحياة الفنية؟
ويرد نور الشريف:
- إنني تخرّجت من المعهد العالي للفنون المسرحية في سنة 1967 ولكني منذ العام 1960، أي منذ افتتاح تلفزيون القاهرة كنت أمثّل مع فرق التلفزيون العديدة التي تخرّج منها عشرات من أصحاب الأسماء اللامعة اليوم..
يعني..
• مثل من؟
على سبيل المثال.. لا الحصر:
- سجّلي عندك أسماء: فؤاد المهندس، عبد المنعم مدبولي، محمد عوض، عادل إمام، سعيد صالح، صلاح قابيل، عزت العلايلي، رشوان توفيق، وغيرهم!.
قلت:
• وهل كان باستطاعة أي طالب في معهد الفنون المسرحية أن ينضم الى فرق التلفزيون هذه؟
ويرد نور الشريف:
- لا.. ولكن كانت هناك صدفة أدخلتني الى مسارح هذه الفرق.. فقد كنت عضواً في فريق لهواة التمثيل بمركز الشباب في الجزيرة، وكان يتولى تدريب هذا الفريق واحد من مخرجي فرق التلفزيون، ومرة كانت إحدى الفرق تستعد لتقديم مسرحية، «الشوارع الخلفية» واحتاجت الى شبان لتمثيل الأدوار الثانوية في المسرحية، واختارني المخرج، أنا وزميل لي..
ولكن..
• هل كان يرضي طموحك أن تمثّل ولو دوراً ثانوياً؟
- فضحك.. ولكنه قال:
- أبداً.. لم يكن هذا هو طموحي، ولكنها كانت البداية، إنني وقفت في المسرحية الى جانب ممثلين كبار أذكر منهم٬ حمدي غيث، محسنة توفيق، عزت العلايلي، رشوان توفيق، وحمدي أحمد..
• وماذا.. كان دورك الثانوي هذا؟
كان..
- مؤلفاً من جملة واحدة أقولها لحمدي أحمد، وهي: «بيقولوا يا عبد الرافع إن ما فيش مكان للإجتماع.. وده بيتك الخاص.. يا أخي شفلك طريقة في العيال دول»!
ويا ترى..
• هل تناولت أجراً عن هذا الدور الثانوي جداً، الذي مثّلته في مسرحية «الشوارع الخلفية»؟
فقال:
- أيوه.. إنني لأول مرة تناولت يومها أجراً كممثل..
وأسأله:
• كم.. كان هذا الأجر؟
أجاب:
- أخذت نصف جنيه عن كل بروفة.. وجنيه عن كل عرض، وكانت هذه هي التسعيرة المحددة يومئذٍ للممثلين الثانويين، وقد حاولت في هذه الفترة زيادة أجري عن الأدوار التي أمثّلها وذلك بأن أسجّل كممثل متكلم، حسب قانون المعهد العالي للفنون المسرحية، وفي هذه الحالة سيكون أجري مضاعفاً، ولكن التسجيل كان يجب أن يسبقه إمتحان أجريه أمام أساتذة في المعهد، وتقدّمت فعلاً.. الى الإمتحانات..
... (البقية على صفحات مجلة "الموعد" النسخة الورقية)