من القلب / علياء الصلح حسبها انها من آل الإستقلال
علياء الصلح حسبها انها من آل الإستقلال

علياء الصلح حسبها انها من آل الإستقلال

هي أعطت للضمير الوطني معانيه ، رسمت ملامحه ، جسدته ،حمته ،أعلت كلمته ،وكانت له سفيرة فوق العادة في بقاع الدنيا .

رأت ولادة استقلال لبنان عام ١٩٤٣ في بيت والدها رئيس وزراء لبنان الراحل رياض الصلح ،ففرحت علياء الصلح بهذا المولود وسكن كل نبضة في قلبها ، و تربع في مقلتيها ،من خلاله كانت الرؤية و الرؤى والأحلام .تصف نفسها بأنها خادمة الاستقلال ،ولكنه كان شغفها الأكبر ،نذرت نفسها وقلمها لرفع راياته ، وتوهج نوره ولرفع اسوار الزود عنه ، امام كل معتد و مدع . وان سئلت من أنت تقول …حسبي اني من آل الاستقلال ، في باكورة مقالاتها السياسية كرست نفسها كاتبة من طراز رفيع برتبة مناضلة للحريات .

بثقافتها ،بعلمها ،بفيض المبادىء في شخصيتها ،دافعت عن كل قضية عربية محقة ،فأجرت حوارات سياسية صحفية مع رؤساء وزعماء عرب ،و كتبت المقالة السياسية بمنسوب مرتفع من الجرأة ،وأفرغت في الكلمات كل أريج الوطنية والحرية ، ففاضت جمالا في المضمون وبهاء في الأسلوب .

كانت علياء الصلح بالنسبة لي مثل أعلى ،ونموذج للمرأة المتعلمة المثقفة الواعية والراقية ، أقرا مقالاتها اوثقها واحفظها ، أدخل على أرشيف مجلة كل شيىء وأصادر كل صورها لأجمعها في ألبوم ، صداقتها لوالدي جعلتني أراها كثيرا على مدى سنين ،وكل مرة أراها فيها كانت بالنسبة لي كفرحة الأطفال في العيد .

أذكر مرة انها دعتنا لتناول العشاء في فندق (crillon)في باريس حيث أقامت لعدة سنوات ، قبل ان تنتقل الى بيتها المجاور لقصر الإليزيه ، ويومها دعت العديد من الشخصيات الثقافية والسياسية والدبلوماسية واذكر و وجود أمين عام الامم المتحدة الأسبق خافير بيريز دو كويلار ، وكنت مع شقيقاتي ،فأبت أن تجمعنا مائدة واحدة مع والدي ووالدتي فقالت ستجلس كل واحدة منكن على طاولة ،وكنت يومها في عمر المراهقة و استصعبت الموقف ان أكون لوحدي على طاولة مع شخصيات يتكلمون في السياسة ،والأزمات الاقتصادية وغيرها من المواضيع ،و لكنها شجعتني ، وقالت يا بنات عليكن ان تعبرن عن ارائكن لا تخفن من الناس ولا تهبن الأماكن تسلحن بعلمكن و ثقتكن بأنفسكن .

كان لبنان دائما محور أحاديثها وأذكر أن جلساتها مع والدي في باريس ولبنان ،كانت متعة للعقل والقلب ،وكانا دائما يستعيدان ذكرياتهما في القاهرة ولبنان ،بحنين كبير .

سكن لبنان قلبها و أفكارها ، مع مرارة وحسرة ، لأن لبنان الذي أراده والدها بطل استقلال لبنان ،تهدم معالمه ، يقوض ميثاقه،ويهدر استقلاله . علياء الصلح ، نموذج مشرف للمرأة اللبنانية ،بحبر العزة ويراع الكرامة كتبت اسمها بحروف المجد في تاريخ لبنان .في ذكرى وفاتها السادسة عشرة اذرف الدمع وأنثر الورد الأبيض ، على ضريحها و أدعو لها بالرحمة وأقول لها اشتقتلك .

مي سربيه شهاب