مسلسل / عندما قالت الفنانة الكبيرة الراحلة صباح لـ«الموعد»: أوصي جمهوري يوم وفاتي بأن يدبك على أغنياتي
فنانون: صباح
صباح وحوار مع مي سربيه شهاب

عندما قالت الفنانة الكبيرة الراحلة صباح لـ«الموعد»: أوصي جمهوري يوم وفاتي بأن يدبك على أغنياتي

خلال عملي الصحفي تعددت لقاءاتي الصحفية مع الفنانة الكبيرة الراحلة صباح وربما وصل عددها الى أكثر من عشرين حديث كان يعتبر كل واحد منها بمثابة السبق الصحفي, وفي كل مرة كنت ألتقي فيها الفنانة الراحلة كنت أتساءل ماذا يمكن أن أسألها فيه وقد سألتها في كل شيء... ولكن أواصر المحبة والود التي تربطني بها سمحت لي أن سألتها في كل شيء حتى عن تصورها ليوم وفاتها وكان وقتها أول مرة تتحدث في ذلك الموضوع وقالت يومها أريد أن تذاع أغنياتي ويرقص الناس الدبكة ويومها كانت صورة صباح على الغلاف والعنوان الرئيسي: «وصيتي لجمهوري أن «يدبك» على أغنياتي يوم رحيلي» وبناء على طلبات الكثير من القراء أعيد نشر جميع أحاديثي مع الصبوحة وأبدأ في الحديث الذي أجريته معها عام 2009.
مي سربيه شهاب
 
*  الدولة اللبنانية نسيت الفنان منذ اندلاع الحرب
*  لا أؤمن بالأبراج ولا أصدّق التوقعات
*  أخطائي ليست كثيرة ولكني أخطأت في حياتي الخاصة
*  بكيت كثيراً وأنا أشاهد مسلسل «لحظة وداع»
 
الحديث مع صباح دائماً يحمل الجديد, ومع العام الجديد كان عندي الكثير من التساؤلات وكان عند المطربة الكبيرة «صباح» الكثير من الإجابات التي تدل على ذكائها وطيبتها وتميّزها كفنانة ما زالت حريصة على اسمها.
قلت للصبوحة:
 
• في بداية كل سنة تكثر التوقعات وينشغل الناس بأبراجهم, ماذا توقّع لك علماء الفلك؟
- أنا شخصياً لا أؤمن بالأبراج ولا أصدّق التوقعات, أصدّق الواقع, ما عشته وما أعيشه, والواقع أن أعيش في عمري بهدوء وبسعادة, والحمد لله كل سنة أراها أسعد من السنة التي مرّت, وأنا لا أخاف الموت, هو كأس على كل الناس أن تتجرّعه, ولو رحلت سأكون شاكرة ربي لأنه أكرمني كثيراً.
 
• ما هي وصيتك المعنوية وليس المادية؟
- أوصي جمهوري يوم وفاتي أن يدبكوا على أغنياتي في كل المناطق اللبنانية, وأنا لا أريد عزاءً كبيراً, المهم إحياء فني وأغنياتي, الحياة قدّمت لي الكثير وأهمها حب الناس.
 
• على من تعتبين وماذا يثير غضبك؟
- بعد هذه السنين في الفن لا أعتب على أحد, بل آخذ الأمور ببساطة و«أطنّش».
 
• الحالة الفنية في العالم العربي تعاني من التدهور كحالنا في مجالات كثيرة, ماذا تتوقعين فنياً؟
- في الفن سيبقى الحال كما هو عليه لفترة طويلة, الى أن يبدأ عصر جديد في كل شيء فيتحسن بالتالي حال الفن.
 
• وهل تتوقعين تحسنات عموماً؟
- نعم, لبنان سيرجع أحسن مما كان, صحيح أنه عانى ولكن ليولد لبنان أفضل, كما أن فلسطين سترجع, وما حصل في غزة بداية لولادة شيء ما, فلا نستطيع أن نعيش إلا ونحن منتصرون, إن الشعب الفلسطيني شعب بطل عانى لسنين كويلة, ولكن
عندي أمل بدولة فلسطينية قوية, أنا أتابع الأخبار على المحطات العربية وعلى الـCNN  وأتابع بشغف National Geographic, فأنا وحتى عمري هذا أحب أن أرى الجديد وأتعلم, لتزداد معلوماتي بعيداً عن الفن فهذا شيء يغذّي تفكيري.
 
•  مؤخراً أثار غضبك وعتبك حلقة قدّمها الإعلامي «عبد الغني طليس» من خلال شاشة «تلفزيون لبنان» تحت عنوان «الأغنية الوطنية», لماذا؟
- إن الحاضرين في الحلقة والمحاور أحرار في أن لا يذكروني خلال حديثهم عن الأغنية الوطنية, ربما لعدم درايتهم بتاريخ الفن في لبنان, ولكن أعتب على وضعي في غير مكانتي ومقارنتي مع غيري بشكل لا يتناسب مع ما قدّمته خلال تاريخي الفني, فأنا كنت أول من قدّم الأغنية الوطنية اللبنانية ونشرها في الوطن العربي, وأول من نشر المواويل اللبنانية وأول من نشر الأناقة اللبنانية في العالم, وكل من ترينه اليوم من فنانين ومصممين ومصففي شعر كلهم نهلوا من مدرستي, فكيف للناس أن تنسى ما قدّمت من أغنيات وطنية, وكيف للناس أن تنسى «صبّوا فوقك النار», «تعلى وتتعمّر يا دار», «تسلم يا عسكر لبنان», «يا لبنان دخل ترابك», «عم برسم أرضك بدموعي», «شرفي وأرضي وبيتي وعرضي», «قوموا نرقص إيد بإيد» حتى أنهم في هذه الحلقة التلفزيونية انتقدوا  موسيقار الأجيال الراحل «محمد عبد الوهاب» في أوبريت «وطني حبيبي الوطن الأكبر» مع أنها كانت إحدى روائع الموسيقار الراحل الذي أعتقد أنه هو من عمل الفن العربي, فقبله كانت هناك وتيرة تعاد في كل الأغنيات والتي تسمى «بشرف», فكان هو من نشر اللوازم الموسيقية وقوالب الأغنية.
 
وأنا أحادثها لمحت عيناي مسلسلاً تركياً يعرض على شاشة التلفزيون فسألتها:
 
• أحببت المسلسلات التركية من خلال مسلسل «نور» هل ما زلت تتابعين المسلسلات التركية؟
- نعم أحببت مسلسل «لحظة وداع», وفي إحدى حلقاته بكيث كثيراً مع أني أعرف أن هذا تمثيل, وأنا مثّلت عشرات الأفلام, ولكني تأثّرت جداً من الموقف الإنساني الذي كان محور الحلقة فبكيت كثيراً.
 
• بعد مشوارك الفني الطويل وفي حياتك الخاصة أين أخطأت؟
- عندما أراجع نفسي أرى أن كل إنسان حي يخطئ, ولكن أخطائي ليست كثيرة, أخطائي كانت في حياتي الخاصة, نعم أعترف بأنني ارتكبت أخطاء, وحتى ابني وابنتي أثّرت عليهما شهرتي الفنية وكانا يتضايقان من شهرتي.
 
• هل بسبب فنك قصّرت في حقهما, أي «هويدا» والدكتور «صباح»؟
- لا.. أعوذ بالله.
 
• ولكن حكي الكثير أن «هويدا» عانت في طفولتها من شهرتك واهتمامك بفنك, وهذا ما خرّب حياتها عندما كبرت..؟!
- «هويدا» كانت تغارعليّ وليس مني, هي صبية جميلة جداً وكانت واعدة في الفن, ولكنها لم تكمل في الفن ولا كوّنت أسرة ولا أنجبت أطفالاً, لذا أتضايق على حالها, وهي كانت قد بدأت علاجها قبل ثلاثة أعوام في لبنان ثم أكملته في الولايات المتحدة الأميركية, ومنذ عامين شفيت تماماً.
 
• هل ستعود «هويدا» الى لبنان؟
- تعوّدت على حياتها في الخارج, ولا أظن أنها ستعود الى لبنان, أما ابني فهو بعيد جداً عن شهرتي وفني, وعلاقتنا جميلة جداً, ومؤخراً جاء الى لبنان لكي يراني, ولكن ابني لا يحب الأضواء ولا الضوضاء ولكنه خفيف الدم وزيارته نوّرت لي حياتي.
 
• ماذا أخذ منك؟
- ورث عني شكلي وطباعي, حتى زوجته وهي من عائلة شماس تقول لي كيف أن الشبه في طباعي وطباعه كبير الى حد التطابق, فهو مثلي يسهل الأمور, وعنده بنت اسمها «دانيال» جميلة جداً ويلقبونها بـ:«الشحرورة» وعنده صبي اسمه ناجي وهو ناجح جداً في عمله.
 
• هل هما بعيدان عن الفن؟
- جداً, فالبنت طبيبة مثل والدها, والصبي يعمل في الـ«بزنس».
 
• هل يفكر إبنك في العودة الى لبنان؟
- يمكن, إلا أنه تعوّد على حياته في أميركا.
 
• مؤخراً منحك الرئيس الليبي معمر القذافي مبلغاً مالياً لتشتري به شقة, كيف حدث اللقاء بينك وبينه؟
- كنت في ليبيا لإحياء حفل زفاف جماعي, ثم التقيت به وبزوجته, وهو إنسان رائع بكرمه وعقله وكان من أكرم الناس معي, وقد أعطاني مبلغاً لأشتري به بيتاً, ولكن صحتي لم تعد تساعدني على تحمل مسؤولية بيت, وأنا هنا في الفندق هناك من يتولى مسؤولية خدمتي, ولكني اشتريت في لبنان بيتاً صغيراً لهويدا, لو أحبت أن تأتي في يوم ما الى لبنان, وأنا أشكر الرئيس معمر القذافي على تواضعه, فقد اعتقدت أنه لن يعرفني لأنه بعيد عن الفن, ولكنه تصرف معي بكل عفوية والتقطت لنا صور تذكارية, فهو طيب جداً وذكي جداً وكريم جداً وأحببته كثيراً.
 
• هل توقف مشروع مسلسل يروي قصة حياتك؟
- تلفزيون «المستقبل» أصرّ على أن ينتج هو المسلسل, وآل الحريري كرّموني وأيضاً الوزيرة «بهية الحريري» التي أعتبرها من أهم السيدات في بلدنا, قالت لي, لك كل ما تريدينه ولكن لا تتركينا في «المستقبل», وأيضاً الشيخ سعد الحريري, وقد قابلني مدير تلفزيون «المستقبل» وقال لي إن إنتاج المسلسل سيكون على خريطة الإنتاج في 2010 إن شاء الله إن عشنا.
 
• هل ترشحين فنانة معينة لتمثل دورك, خصوصاً أنه قيل إن رولا سعد ستمثل الدور؟
- أنا أحب رولا كثيراً ولكني لا أرشح أحداً, ليس غروراً ولكن قلّ أن يوجد مثل طبعي.
 
• شادي شامل عندما مثل دور عبد الحليم حافظ تمّ ذلك عبر مسابقة اشترك فيها مشتركون من كل الوطن العربي, هل تحبذين مثل تلك الفكرة لمن ستمثل دورك؟
- أكيد, وهذه فكرة جميلة جداً, ولكن قصتي فيها الكثير من الإبهار وتتطلب إنتاجاً ضخماً ومخرجاً مهماً.
 
• هل ستقولين كل شيء وتسمين الأشياء بأسمائها؟
- هناك أشياء تمس أناساً قريبين مني تغاضيت عنها ولم أذكر أسماء, لا أريد فضائح في مسلسلي, بل أريد مسلسلي جميلاً وراقياً.
 
• ما هو الأحلى في قصة حياتك؟
- حب الناس الذي لم يفتر لسنوات طويلة, والحمد لله ما زلت في صحة جيدة وشكلي معقول.
 
• وما الذي أحزنك من خلال قصة حياتك؟
- فراق الأحبة من أهلي, ما زال حتى الآن موت أختي سعاد يحزنني مع أنني أرى الحزن تغييراً في حياة الإنسان.

... (البقية على صفحات مجلة "الموعد" النسخة الورقية)