مسلسل / أطول حديث لـ: رشدي أباظة (الجزء الثالث)
فنانون: رشدي أباظة
رشدي أباظة وسمير صبري في فيلم «شباب هذه الأيام» عام 1975 من إخراج عاطف سالم

أطول حديث لـ: رشدي أباظة (الجزء الثالث)

 • أحببت آني برييه وعلمتني «الجدعنة» في الحب!
• كان بيني وبين الملك فاروق تنافس على.. كاميليا..
• أقضي الساعات وحيداً.. وأفكر في حبي لصباح
• لو تزوجت صباح فسأقضي أيامي كلها في السجن!
 
في الحديث الذي أدلى به النجم الراحل رشدي أباظة لـ«الموعد» عام 1979 كان يعبّر عن ذاته بصدق، ولا يخفي شيئاً في صدره، ولا يجد حرجاً في أن يروي الحقائق التي عاشها..
وأهمها الحقائق عن نساء لعبن أدواراً في حياته..
وأحاول أن أسمع وأفهم هذه الحقائق..
وأسأله في البداية:
 
• من هي المرأة الأولى التي شعرت نحوها بالحب الحقيقي؟
وأشعل السيجارة الأولى، وظل يفكر للحظات وهو سارح مع الماضي البعيد ثم أجاب:
- كانت هذه المرأة هي المطربة الفرنسية آني برييه..
قلت:
 
• وفي أي سن كان هذا الحب؟
فعاد يجيب:
- كنت في التاسعة عشرة من عمري، وهي كانت تبلغ السادسة عشرة، وكانت هذه هي المرة الوحيدة التي أحببت فيها امرأة أصغر مني سناً..
وأقول له:
 
• لا بد أنه كان في شخصيتها ما اجتذبك اليها..
قال والإعجاب بها ما زال يلمع في عينيه:
- أيوه، كانت جميلة وذكية وأنثى بكل معنى الكلمة.. إنها علمتني «الجدعنة» في معاملة النساء..
أسأله:
 
• يعني ايه.. الجدعنة؟
يجيب:
- يعني.. أرادتني أن أبقى رجلاً عندما أحب، وأذكر أنني عندما بدأت وإياها مشوار الحب قالت لي كلمات لا أنساها أبداً، وليس هناك ما هو أعمق منها في تصوير شعور المرأة.. إنها قالت لي: يا رشدي، إذا جاء يوم وكنت غاضباً عليّ أو كارهاً لي، فإن كل الذي أطلبه منك هو أن تدخل الى أي مكان أنا موجودة فيه وتنهال عليّ بالضرب أمام الناس وبكل قسوة حتى ولو اضطرك الأمر لأن تخلع حذاءك وتقذفني به، افعل هذا.. ولكن إياك أن تنتقم مني بأن تدخل عليّ أو تدعني أراك وأنت تتأبط ذراع امرأة غيري..
قلت:
 
• ولهذا أحببتها أكثر من غيرها.
قال:
- أيوه، إنني أكنّ لها حباً كبيراً وكنت أسميها طاهرة..لأنها كانت فعلاً طاهرة..
وأسأله:
 
• واستمر حبك لها طويلاً؟
أجاب:
- لم يدم سوى ثمانية أشهر، ثم قام الملك فاروق بإبعادها عن مصر لأنه كان يحبها، وكانت ترفض حبه.
اذن:
 
• كان الملك فاروق دائماً غريمك في المغامرات النسائية.. ألم يزاحمك أيضاً على الحسناء كاميليا..
وأخذ رشدي أباظة سيجارة ثانية وبدأ يروي قصة جديدة:
- كانت كاميليا أشبه بالحصان الجامح الذي لا يستطيع أحد أن يوقفه حتى ولا الملك فاروق نفسه.. إنها كانت تفعل ما يحلو لها، وتتحدى من تشاء، وإذا أحبت فهي تحب بعنف..
قلت:
 
• وهل أذاقتك هذا العنف؟
ويروي الممثل المغامر:
- حدث مرة أن دخلت كاميليا الى «الأوبرج» ووجدتني أجالس سيدة، فهجمت عليّ وصفعتني على وجهي مرتين.. كانت هذه هي أول مرة يجرؤ فيها إنسان على صفعي ومع ذلك فإنني عندما تلقيت منها الصفعتين صعب عليّ أن أردهما لها وهي المرأة الجميلة التي أحبها، ولم أستطع إلا أن أضحك، فكان ذلك سبباً في زيادة عصبيتها وثورتها.
 
• وما الذي أحببته في كاميليا؟
كانت:
- إنسانة صريحة جداً، وأذكر أنني غضبت عليها في إحدى المرات، وابتعدت عنها طوال ثلاثة أيام، وفي اليوم الرابع شربت كأسين، وذهبت الى بيتها لكي أحاسب هذه المرأة التي تزعم أنها تحبني ولا تسأل عليّ إن غضبت منها، كانت تضع على عينيها نظارة، وتحمل كتاباً، واستدارت وعادت الى الصالون، ودخلت وراءها وأخذت أتصرف بعصبية ونرفزة وهي لا ترد عليّ بل ولا تلتفت اليّ أبداً، وأخيراً، صعد الدم الى رأسي فصرخت بها: انت يا ست.. ازاي بتقولي انك بتحبيني ولا تسأليش عني ثلاثة أيام!!. فنظرت اليّ بلا مبالاة وقالت: ما دمت تحبني فقد كنت متأكدة من أنك سوف تلف وتدور طويلاً ثم تعود اليّ.. ومن يومها تعلمت الدرس الثاني في الحب، وهو أن الرجل الذي يحب فعلاً، لا يستطيع في النهاية إلا أن يعود الى قواعده.
ولكن:
 
• كيف كانت المواجهة بينك وبين الملك فاروق حول كاميليا؟
ويقول:
- فعلاً.. لقد حصلت مواجهة بيني وبين الملك فاروق، ولكن لا أعتبرها مواجهة بين ملك مصر ورشدي أباظـة أبداً.. إنها مجرد مواجهة بين اثنين من الشبان، فإن الملك فاروق كان شاباً في العشرين من عمره، وكان ابن ذوات، ويهوى مثل كل الشبان المغامرات النسائية..
وكيف:
 
• كانت تحصل المواجهة بينك وبينه؟
أجاب:
- كادت المواجهة أن تصل الى منتهى العنف، ولكن لم تحصل، إنه كان فقط يهاجمني بالمكالمات التليفونية التي يخفي فيها شخصيته ويهددني بالموت إذا لم أبتعد عن كاميليا.. وفي أحد الأيام أرسل اليّ بعض رجاله.. ولكنني لم أتشاجر معهم، رغم قدرتي على مجابهتهم وضربهم بكل شدة..
أبتسم وأقول:
 
• هل هادنتهم لأنهم رجال الملك؟
قال:
- لا.. ولكن هم لم يبدأوا بالتحرش بي، وكانوا شباناً أولاد عائلات، ثم إنني كنت أعرف أنني أنا المخطئ، لأنني أقمت علاقة مع كاميليا في الوقت الذي كانت هي فيه حبيبة الملك، وتصورت لو أنه كان عندي أنا عشيقة وحاول أحدهم أن يخطفها مني.. ماذا أفعل؟ أضربه طبعاً!.
أسأله:
 
• وهل الى هذا الحد كان الملك فاروق يحب كاميليا ويغار عليها..
أجاب وكأنه يروي تاريخاً:
- أحبها بجنون، وزاد حبه لها عندما حملت منه وتصوّر أنها سوف تنجب له ولداً يكون ولياً للعهد، لأنه كان سيتزوجها رسمياً لو أنجبت ولداً، ولكن أمله خاب لأن كاميليا أجهضت في الشهر السادس، عندما وقعت من فوق ظهر حصان في أحد الأيام..
وأعود الى سؤاله:
 
• كم شهراً استغرقت قصة الحب بينك وبين كاميليا؟
ويذكر:
- على ما أظن استمرت بين سنة وثمانية أشهر، ثم خافت أمي عليّ من نتائج غضب الملك فاروق فأرغمتني على السفر الى روما، وجئت لأودع كاميليا فقالت لي إنها ذاهبة بعد أيام الى جنيف لحضور حفلة راقصة، وقد تواعدنا على اللقاء معاً في روما وهي في طريق عودتها الى مصر، ولكن القدر.. وقف حائلاً.. دون هذا اللقاء فسقطت الطائرة التي أقلتها من القاهرة، واحترقت كاميليا فوق رمال الصحراء..
وقبل أن «نقفل» موضوع كاميليا:
 
• لو أن مواجهة شخصية حصلت بينك وبين الملك فاروق، هل كنت تملك الجرأة على ضربه وهو ملك مصر..
قال:
- وماله.. كنت سأضربه بالشمال واليمين، لأنني عندئذٍ لا أعتبره ملكاً وإنما رجلاً عادياً يخطف مني المرأة التي أحبها، وأنا والحمد لله جريء الى أبعد حد..
وأقول لرشدي أباظة:
 
• أسمعك تتحدث بأكثر من لغة، ومنها اللغة الإسبانية؟ فكيف تعلمتها؟
قال:
- من حبي لحسناء إسبانية كانت تعمل كراقصة واسمها ماريا تريزا وقد اضطررت لتعلم الإسبانية لكي أتحدث معها، لأنها لم تكن تعرف لغة غيرها.. وقد التقيت بها صدفة في سفح الهرم عندما كنت أركب الخيل، ودعوتها الى سهرة في ملهى «الأوبرج» الذي كان أفخم ملاهي القاهرة.. ولكن الحب بيننا كان عمره قصير جداً، لأن عملها كراقصة جعلني لا أتحمل رؤيتها وهي تحادث الشبان أو تقبل زجاجات الشمبانيا منهم..
و«نقلة» سريعة الى الحاضر وأقول له:
 
• أية نظرة لك اليوم الى صباح؟
أجاب بما يشبه الهمس:
- بحبها قوي!.
قلت:
 
• غريب.. إنك تحبها اليوم قوي، مع أنك تزوجتها قبل عشر سنوات ولمدة شهر فقط؟
قال:
- هوه فعلاً سؤال غريب، وأنا نفسي مش قادر أجاوب عليه، ولكن ما أستطيع قوله فقط هو أنني في خلال أسبوع واحد، لم أستطع أن أكتشف مزايا صباح كما اكتشفتها فيما بعد..إنها المرأة التي تُشعر الرجل بحلاوة الحب وعذوبته..
أسأله:
 
• يعني.. تعطيك حنانها؟
يجيب:
- وأكثر من الحنان.. تعطيني الحب، أتعرفين كيف تأسرني المرأة.. بأن تمسك بيدي وأنا نائم وتقبّلها.. إن معنى هذا إنها تحبني بصدق فعلاً، ولا تجعل من قبلتها رشوة لي لأحبها أكثر..
وأداعبه:
 
• وهل حدث ذلك؟
قال:
- لا أذكر شيئاً من ذلك.. لم أشعر يوماً بأن يداً حانية امتدت الى يدي ورفعتها عن المسدس الذي أضعه دائماً الى جانبي وقبلتها، ولكني أقول إن المرأة التي تفعل ذلك هي التي تستحق أن أحبها..

... (البقية على صفحات مجلة "الموعد" النسخة الورقية)