مسلسل / أطول حديث مع عمر الشريف (الجزء الثامن)
أطول حديث مع عمر الشريف (الجزء الثامن)

أطول حديث مع عمر الشريف (الجزء الثامن)

"البريدج" هوايتي.. منذ كنت شاباً

الفراغ هو الذي دفع بي إلى موائد اللعب

لم أصبح عاطلاً عن العمل وما زلت أكسب الكثير

أنا الآن أربي الخيول ولا أشتريها.. وأتلذذ بتفوّقها

 

في هذه الحلقة التي تحدث فيها النجم الراحل عمر الشريف لــ"الموعد" في عام 1978، أطال فيها الحديث عن البريدج فماذا قال؟

وأفتح معه حديث "البريدج"، وأقول له:

· رفاقك الذين أراك معهم في القاهرة، الآحظ أنهم كلهم مثلك من هواة "البريدج"..

وقبل أن أكمل كلامي يخبرني:

- أنا منذ شهور مشغول بعمل تنظيم لاقامة مهرجان سنوي كبير لــ"البريدج" في شهر ديسمبر "كانون الثاني" من كل عام.. ان فندق "شيراتون القاهرة" أبدى استعداده لاستضافة هذا المهرجان السنوي..

وأسأله:

· وكم عدد اللاعبين الذي قد يشتركون في هذا المهرجان؟

يجيب:

- الترتيب الذي أعددته يجعل عدد المشتركين في المهرجان مائة وستين لاعباً من الولايات المتحدة الأميركية، ومائة لاعب من الدول  الأوروبية  المختلفة،   وأنا أحاول اغراء اللاعبين وكلهم من المشاهير وأصحاب المكانة، بجعل زيارتهم لمصر بمثابة رحلة سياحية، ولهذا حددت مدة زيارتهم بعشرة أيام، خمسة منها للمهرجان والخمسة الباقية لرحلة بين آثار الأقصر وأسوان على ظهر الباخرتين "ايزيس" و"أوزوريس"..

 

وأقول لعمر الشريف:

·   هل تعتقد أن أجواء اللعب التي تفتحت عيناك عليها في بيت والديك وأنت في سن الطفولة هي التي خلقت عندك هذا الميل إلى المقامرة والمراهنة؟

ويجيب النجم العالمي:

- أنا لا أنظر إلى "البريدج" على أنه من ألعاب القمار، انه رياضة للذهن والعقل وتخلو من الخداع والغش، وأنا في الحقيقة أمارس لعبة "البريدج" لأني أحبها كلعبة وليس طمعاً في المكسب، ان ما يجعلني مزهواً عندما أفوز في هذه اللعبة هو الشعور عندي بالتفوّق فقط..

قلت له:

·  ولكن.. لقد اشتهرت في مجتمعات أوروبا بأنك من المقامرين الكبار..

أجاب بصراحة:

- كان هذا أيام زمان.. يعني منذ عشر سنوات وأكثر، عندما كان المال يتدفّق عليّ، ووصل أجري في فترة ما عن الفيلم الواحد إلى ما يقارب السبعمائة وخمسين ألف دولار وطبعاً.. لقد بدأ ولعي بالقمار منذ الصغر، وعندما كنت أرى والدتي تعقد حلقات اللعب كل يوم في بيتنا حول الموائد الخضراء.. وكانت والدتي تتلذذ عندما تكسب المال من اللعب، أما أنا فقد أصبح اللعب عندي، بعدما كبرت، مجرد متعة، أو لاضاعة أوقات الفراغ التي كانت ترهقني، خصوصاً وأنني، منذ غادرت مصر، وانهارت حياتي الزوجية كنت أعيش وحيداً!.

أقول:

· تعيش وحيداً.. بالرغم من آلاف الأصدقاء..

ويرد بأسى:

- ألف صديق لا يملأون فراغ البيت مثل الزوجة، صحيح أنني كنت أسهر في أفخم الملاهي والنوادي، محاطاً بالعشرات من الأصدقاء رجالاً ونساء، فألهو، وألعب، وأمرح.. ولكن في النهاية أعود إلى البيت الفارغ الموحش

الذي لا يؤنس فيه وحدتي سوى طباخة عجوز..

وأعود إلى الموضوع:

· يقال أنك لو لم تبدّد ثروتك على موائد القمار، لأصبحت من أثرياء العالم..

فيجيب:

- ربما.. ولكن، ليس من طبيعتي أن أختزن المال.. بل أن أستمتع به، وربما كنت قد أستمتعت بالمال وبقيت من الأثرياء لو أنني استمعت إلى نصيحة أبي، ولم آخذ عادات أمي..

وأسأله:

· وما هي نصيحة والدك؟؟

  أجاب:

- عندما بدأت حياتي كشاب في مصر، كان أبي يوصيني بأن أبتعد تماماً عن المقامرة ويقول لي بصراحة:

اجعل من النساء صديقاتك في الحياة.. اسهر معهن، انفق عليهن، اصطحبهن في رحلات إلى أي مكان.. انك إذا  أنفقت على النساء تعيش سعيداً وتحتفظ بالكثير من أموالك، وأيضاً لا تنسيك مصادقتهن أعمالك، أو تقتل طموحك، أما القمار فهو يجعلك تخسر كل شيء.. ولا تعود تفكر بشيء سواه.. ولكن، وكما قلت لك، لم أسمع هذه النصيحة، وخسرت الكثير!.

قلت:

·  ولكنك لم تخسر كل شيء..

أجاب:

- في الوقت المناسب توقفت عن القمار، ولم يكن ذلك صعباً عليّ، لأن القمار في النهاية ليس هو الهواية الأولى والوحيدة في حياتي، بل التمثيل عندي هو الأهم منذ أن كنت في التاسعة عشرة من عمري.. وعندما توقفت لم أكن قد خسرت كل شيء، بل بقي عندي البيت الذي اشتريته في "غابة بولونيا" في باريس، واسطبل الخيول ورصيد لا بأس به في البنوك، وإلى جانب ذلك فاني لم أصبح بعد عاطلاً عن العمل، ما زلت أعمل في الأفلام وأكسب مالاً كثيراً، وأساهم في مشاريع تجارية تدرّ عليّ أرباحاً طائلة..

وأسأله:

·  ولماذا لم تستغن أيضاً عن اسطبل الخيول ما دمت قد ابتعدت عن المقامرة والمراهنة..            

 ويجيب عمر الشريف:

- لأنني عندما اتخذت قراري بالتوقف عن المقامرة، قلت لنفسي أن المبالغ التي أخسرها على موائد "الروليت" و"البكاراه" يمكن أن أخسرها في مدة أطول بدلاً من الخسارة في خلال وقت قصير لا يزيد عن ساعات قليلة.. ومن هنا، فإن المال الذي كنت أقامر به حوّلته لشراء الخيول، على أساس أنه سوف يمضي عام أو أكثر قبل أن أعرف إذا كان الحصان الذي اشتريته سوف يخسر أم يربح في السباق، ولكن، وبعد ذلك، أقلعت عن شراء الخيول ووفّرت المبالغ الطائلة، وأصبحت هوايتي أن أقوم أنا بتربية الخيول في الأسطبل الذي أملكه في "نورماندي" وأنا الآن أستمتع برؤية المهور الصغيرة وهي تكبر شيئاً فشيئاً، وعندما يحقّق واحد منها الفوز في سباق كبير، أحسّ بالانتصار أكثر، لأنني أنا الذي ربيته..

(البقية في الحلقة المقبلة)