الرقابة لا تقول لا لأفلام.. فاتن حمامة
كتب الراحل محمد بديع سربيه عام 1977:
- كثيرة هي البرامج التلفزيونية التى تصور وتسجل في هذا الايام، سواء أكان ذلك في مصر، أم في سوريا، أو الاردن، أو ستديوهات التلفزيون الملون الحديثة في أمارة «دبي» في دولة الامارات العربية المتحدة.
وانتاج البرامج التلفزيونية ليس فيه أي نوع من أنواع المغامرة كأنتاج الإفلام السينمائية، ولا هو يحتم انفاق ما في الجيب بأنتظـار ما يأتي به الغيب أي شباك التذاكر .. بل هو يكاد أن يكون - من الناحية المالية - عملية مضمونة مائة بالمائة، ذلك بأن هناك عددا محدودا من محطات التلفزيون في العالم العربي، وكل محطة منها وضعت تسعيرة للإنتاج التلفزيوني، لا تزيد ولا تنقص الا في الحالات غير العادية، ومن هنا فان منتج أي مسلسل أو برنامج تلفزيوني باستطاعته قبل البدء في عملية انتاج أن يحدّد المبلغ الذي سيصرفه، ويعرف مسبقاً بكم سيُباع انتاجه، وأيضاً أن يتنبأ مسبقاً بما سوف يحققّه من ربح مادي ، والمفاجأة الوحيدة التي يمكن أن تقلب حسابات المنتج التلفزيوني رأساً على عقب، هي أن يرُفّض برنامجه في محطة تلفزيونية أو عدة محطات، أذا ما رأى الرقيب أو الرقباء في هذه المحطات أن ما يقّدمة لهم المنتج ليس مسموحا بعرضه، أو غير مقبول من الناحية الاجتماعية والاخلاقية.والرقيب في التلفزيون هو أشد قسوة من رقيب الافلام السينمائية، ذلك لأنه مقيّد بالسياسة التوجيهية والاعلامية العامة للدولة، والقرار الذي يتخذه برفض أي برنامج تلفزيوني هو قرار لا رجعة فيّه ولا عدول عنه، خصوصاً وأن الرقيب القاسي في التلفزيون يرفض البرنامج كلّه، ولا يحذف مشاهد أو عبارات منه كما يحدث في الافلام السينمائية.
واكثر ما يعاني منه الذين يتفرغون الآن لعمليات انتاج البرامج والمسلسلات والروايات التلفزيونية هي أن يصلوا الى انتاج تلفزيوني مقبول من كافة محطات التلفزيون العربية، لان ما تقبله محطة ما، ترفضه محطة ثانية، وما ترغب فيه دولة عربية من البرامج التلفزيونية قد ترفضه بشدة وعنف دولة ثانية!!
في السباق القائم اليوم بين العشرات من الشركات والمؤسسات الى انتاج أفلام وبرامج للتلفزيون، فإن سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة تبدو هي الوحيدة المجلّية والفائزة في هذا السباق، ذلك أن الافلام التي تمثّلها أو البرامج التي تظهر فيها هي وحدها البرامج التي لا يقال لها «لا» في اية محطة، ولا يتوقف عندها أي رقيب، ولا تعتذر عن عدم قبولها أية شاشة تلفزيونية في العالم العربي، ولعل السبب في ذلك هو الجماهيرية الفريدة من نوعها لفاتن حمامة في كل جوانب الوطن العربي، والثقة الكاملة بالمستوى الفني والاخلاقي الرفيع لكل عمل فني تظهر فيه سواء أكان تلفزيونياً أو سينمائياً.
أحد كبار المسؤولين الاعلاميين في دولة عربية قال لمدير التلفزيون في هذه الدولة:
• هل اشتريتم الروايات التلفزيونية التي صورتها فاتن حمامة أخيراً؟
وقال مدير التلفزيون:
- لقد أرسلت الى الملحق الاعلامي في سفارتنا في القاهرة نطلب اليه تحديد موعد لمشاهدة هذه الافلام قبل التعاقد على شرائها .
ورد المسوؤل الاعلامي :
• مشاهدتها .. ولماذا؟
قال مدير التلفزيون:
- هكذا تعودنا .. نشاهد البرامج التي نرغب في شرائها أولا ثم نتفاوض مع اصحابها على بيعها لنا اذا وجدنا أن هذه البرامج من النوع الذي لا يعترض عليه الرقيب!
وهذا المسؤول الكبير رأسه وقال:
-اسمع يا ابني، ما تمثّله فاتن حمامة من برامج تتعاقدون على شرائها قبل بل وبدون مشاهدتها .. لان فاتن حمامة هي نفسها الرقيب القاسي على أي عمل فني تشترك فيه...
وما قاله المسؤول العربي الكبير هو الحقيقة بعينها، فعلى أمتداد ثلاثين سنة .. لم يذكر التاريخ الفني العربي أن فيلماً واحداً لفاتن حمامة قد مُنع في أي بلد، أو مشهدا واحدا مثّلته واعترض عليه الرقيب، وفضلا عن ذلك فأن الحب الجماهيري لسيدة الشاشة العربية لم يهتز أو يتأثر في أي ظرف من الظروف ، وبقيت الشابة المصرية المحبوبة في قمة مجدها الفني حتى الان، مثلها مثل العباقرة الذين واكبتهم الاجيال العربية بالحب والاعجاب والتقدير، وفي مقدمتهم أم كلثوم، وعبد الوهاب، وفريدالاطرش.
وفي الاونة الأخيرة بالذات توقفت عند ظاهرة غير عادية ..
فالذي كنت أظنه هو أن جماهير فاتن حمامة التى ما زالت تحبها حتى الآن هي الجماهير التى شهدت عصرها الذهبي، وعاشت الادوار التي شاهدتها في ذاكرتها ومخيّلتها حتى الآن، ولكن ما اكتشفته أخيراً هو أن جماهيرية الممثلة الكبيرة تشمل الجيل الجديد أيضاً، فإن الملايين من الشبان والشابات في الجامعات، والمصانع والبيوت، يملأ قلوبهم الحب لفاتن حمامة، والاعجاب بفنها، بل والحماس لها في أي موقف وضد أي كان يحاول أن يرميها ولو بوردة، وكل اللواتي ظهرن على الشاشة، وتوسلن مفاتنهن الجسدية والأنثوية لاستهواء الجيل الحاضر وكسب أعجابه، لم يفلحن في حمل الناس على نسيان فاتن حمامة، أو التحّول عنها..
وبطبيعة الحال، فأن أي شيء لا يمكن أن ينطلق من الفراغ.
يعني، ان حب الجماهير العربية لفاتن حمامة ليس هو مجرد شعور عفوي أو سطحي والا لما كان هذا الحب قد عاش ثلاثين سنة وأكثر، وهي مدة كافية لأن تزيل البريق عن أي واحد وواحدة من نجوم الفن، وهناك الكثيرات ممن ظهرن بعد فاتن حمامة بسنوات طويلة خبا بريقهن، ووصل رصيدهن الشعبي الى الصفر وانزوين بعيدا عن الاضواء دون أن يتركن في النفوس أي أثر أو ذكرى.
لقد كانت فاتن حمامة في كافة مراحل حياتها الفنية تنشد الإبداع الفني وليس الكسب المادي العابر ولهذا لم تصل بعد سنوات العمل المرهق الشاق أن تكون مالكة لثروة أو عمارات، أو سيارات فخمة، وانما اكتفت من دنياها بالعطاء الفني الذي أسعدت به الجماهير، وأورثها حبا يساوي مئات الملايين وعشرات من ناطحات السحاب.
وتعيش فاتن حمامة حتى الآن حياتها وليس عندها الا الطموح الفني، لدرجة أنها تهتم بكل عمل فني لها الآن بالقدر ذاته الذي كانت تهتم فيه بأي عمل فني لها وهي على أولى خطوات السلم الفني، ذلك أن حب الجماهير لها يجعلها تحس بالمسؤولية أكثر، وليس بالامبالاة أو التصوّر بأن المتفرج ما دام يحبها فهو يقبل منها أي شيء، والاحساس بالمسؤولية هذا تصل به فاتن حمامة الى ذروة الاحترام لجمهورها، ورفضها خداعه أو استغلال مشاعرة.
- كثيرة هي البرامج التلفزيونية التى تصور وتسجل في هذا الايام، سواء أكان ذلك في مصر، أم في سوريا، أو الاردن، أو ستديوهات التلفزيون الملون الحديثة في أمارة «دبي» في دولة الامارات العربية المتحدة.
وانتاج البرامج التلفزيونية ليس فيه أي نوع من أنواع المغامرة كأنتاج الإفلام السينمائية، ولا هو يحتم انفاق ما في الجيب بأنتظـار ما يأتي به الغيب أي شباك التذاكر .. بل هو يكاد أن يكون - من الناحية المالية - عملية مضمونة مائة بالمائة، ذلك بأن هناك عددا محدودا من محطات التلفزيون في العالم العربي، وكل محطة منها وضعت تسعيرة للإنتاج التلفزيوني، لا تزيد ولا تنقص الا في الحالات غير العادية، ومن هنا فان منتج أي مسلسل أو برنامج تلفزيوني باستطاعته قبل البدء في عملية انتاج أن يحدّد المبلغ الذي سيصرفه، ويعرف مسبقاً بكم سيُباع انتاجه، وأيضاً أن يتنبأ مسبقاً بما سوف يحققّه من ربح مادي ، والمفاجأة الوحيدة التي يمكن أن تقلب حسابات المنتج التلفزيوني رأساً على عقب، هي أن يرُفّض برنامجه في محطة تلفزيونية أو عدة محطات، أذا ما رأى الرقيب أو الرقباء في هذه المحطات أن ما يقّدمة لهم المنتج ليس مسموحا بعرضه، أو غير مقبول من الناحية الاجتماعية والاخلاقية.والرقيب في التلفزيون هو أشد قسوة من رقيب الافلام السينمائية، ذلك لأنه مقيّد بالسياسة التوجيهية والاعلامية العامة للدولة، والقرار الذي يتخذه برفض أي برنامج تلفزيوني هو قرار لا رجعة فيّه ولا عدول عنه، خصوصاً وأن الرقيب القاسي في التلفزيون يرفض البرنامج كلّه، ولا يحذف مشاهد أو عبارات منه كما يحدث في الافلام السينمائية.
واكثر ما يعاني منه الذين يتفرغون الآن لعمليات انتاج البرامج والمسلسلات والروايات التلفزيونية هي أن يصلوا الى انتاج تلفزيوني مقبول من كافة محطات التلفزيون العربية، لان ما تقبله محطة ما، ترفضه محطة ثانية، وما ترغب فيه دولة عربية من البرامج التلفزيونية قد ترفضه بشدة وعنف دولة ثانية!!
في السباق القائم اليوم بين العشرات من الشركات والمؤسسات الى انتاج أفلام وبرامج للتلفزيون، فإن سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة تبدو هي الوحيدة المجلّية والفائزة في هذا السباق، ذلك أن الافلام التي تمثّلها أو البرامج التي تظهر فيها هي وحدها البرامج التي لا يقال لها «لا» في اية محطة، ولا يتوقف عندها أي رقيب، ولا تعتذر عن عدم قبولها أية شاشة تلفزيونية في العالم العربي، ولعل السبب في ذلك هو الجماهيرية الفريدة من نوعها لفاتن حمامة في كل جوانب الوطن العربي، والثقة الكاملة بالمستوى الفني والاخلاقي الرفيع لكل عمل فني تظهر فيه سواء أكان تلفزيونياً أو سينمائياً.
أحد كبار المسؤولين الاعلاميين في دولة عربية قال لمدير التلفزيون في هذه الدولة:
• هل اشتريتم الروايات التلفزيونية التي صورتها فاتن حمامة أخيراً؟
وقال مدير التلفزيون:
- لقد أرسلت الى الملحق الاعلامي في سفارتنا في القاهرة نطلب اليه تحديد موعد لمشاهدة هذه الافلام قبل التعاقد على شرائها .
ورد المسوؤل الاعلامي :
• مشاهدتها .. ولماذا؟
قال مدير التلفزيون:
- هكذا تعودنا .. نشاهد البرامج التي نرغب في شرائها أولا ثم نتفاوض مع اصحابها على بيعها لنا اذا وجدنا أن هذه البرامج من النوع الذي لا يعترض عليه الرقيب!
وهذا المسؤول الكبير رأسه وقال:
-اسمع يا ابني، ما تمثّله فاتن حمامة من برامج تتعاقدون على شرائها قبل بل وبدون مشاهدتها .. لان فاتن حمامة هي نفسها الرقيب القاسي على أي عمل فني تشترك فيه...
وما قاله المسؤول العربي الكبير هو الحقيقة بعينها، فعلى أمتداد ثلاثين سنة .. لم يذكر التاريخ الفني العربي أن فيلماً واحداً لفاتن حمامة قد مُنع في أي بلد، أو مشهدا واحدا مثّلته واعترض عليه الرقيب، وفضلا عن ذلك فأن الحب الجماهيري لسيدة الشاشة العربية لم يهتز أو يتأثر في أي ظرف من الظروف ، وبقيت الشابة المصرية المحبوبة في قمة مجدها الفني حتى الان، مثلها مثل العباقرة الذين واكبتهم الاجيال العربية بالحب والاعجاب والتقدير، وفي مقدمتهم أم كلثوم، وعبد الوهاب، وفريدالاطرش.
وفي الاونة الأخيرة بالذات توقفت عند ظاهرة غير عادية ..
فالذي كنت أظنه هو أن جماهير فاتن حمامة التى ما زالت تحبها حتى الآن هي الجماهير التى شهدت عصرها الذهبي، وعاشت الادوار التي شاهدتها في ذاكرتها ومخيّلتها حتى الآن، ولكن ما اكتشفته أخيراً هو أن جماهيرية الممثلة الكبيرة تشمل الجيل الجديد أيضاً، فإن الملايين من الشبان والشابات في الجامعات، والمصانع والبيوت، يملأ قلوبهم الحب لفاتن حمامة، والاعجاب بفنها، بل والحماس لها في أي موقف وضد أي كان يحاول أن يرميها ولو بوردة، وكل اللواتي ظهرن على الشاشة، وتوسلن مفاتنهن الجسدية والأنثوية لاستهواء الجيل الحاضر وكسب أعجابه، لم يفلحن في حمل الناس على نسيان فاتن حمامة، أو التحّول عنها..
وبطبيعة الحال، فأن أي شيء لا يمكن أن ينطلق من الفراغ.
يعني، ان حب الجماهير العربية لفاتن حمامة ليس هو مجرد شعور عفوي أو سطحي والا لما كان هذا الحب قد عاش ثلاثين سنة وأكثر، وهي مدة كافية لأن تزيل البريق عن أي واحد وواحدة من نجوم الفن، وهناك الكثيرات ممن ظهرن بعد فاتن حمامة بسنوات طويلة خبا بريقهن، ووصل رصيدهن الشعبي الى الصفر وانزوين بعيدا عن الاضواء دون أن يتركن في النفوس أي أثر أو ذكرى.
لقد كانت فاتن حمامة في كافة مراحل حياتها الفنية تنشد الإبداع الفني وليس الكسب المادي العابر ولهذا لم تصل بعد سنوات العمل المرهق الشاق أن تكون مالكة لثروة أو عمارات، أو سيارات فخمة، وانما اكتفت من دنياها بالعطاء الفني الذي أسعدت به الجماهير، وأورثها حبا يساوي مئات الملايين وعشرات من ناطحات السحاب.
وتعيش فاتن حمامة حتى الآن حياتها وليس عندها الا الطموح الفني، لدرجة أنها تهتم بكل عمل فني لها الآن بالقدر ذاته الذي كانت تهتم فيه بأي عمل فني لها وهي على أولى خطوات السلم الفني، ذلك أن حب الجماهير لها يجعلها تحس بالمسؤولية أكثر، وليس بالامبالاة أو التصوّر بأن المتفرج ما دام يحبها فهو يقبل منها أي شيء، والاحساس بالمسؤولية هذا تصل به فاتن حمامة الى ذروة الاحترام لجمهورها، ورفضها خداعه أو استغلال مشاعرة.