شارع النجوم / النجم المتعدد المواهب و.. الحكايات «10»
فنانون: سمير صبري
النجم المتعدد المواهب و.. الحكايات «10»

النجم المتعدد المواهب و.. الحكايات «10»

كتب الراحل محمد بديع سربيه عام 1990

لأن الجلسة بيني وبين النجم سمير صبري في نادي السيارات، الذي يقوم في أجمل بقعة على شاطئ الإسكندرية، قد طالت كثيراً في الليلة السابقة، وتدفقت فيها القصص والذكريات، فقد اخترنا العودة الى نفس النادي ظهر اليوم التالي لكي نتابع الحديث، ولكن ليس ونحن جالسون هذه المرة، بل ونحن نقف بين الصخور، ونتأمل تدافع الأمواج من البعيد البعيد الى الشاطئ، وكأنها تجيء معها الى ذاكرة النجم المتعدد المواهب، بما قد يكون غاب عن ذاكرته من حكايات الأمس!
ولأن مرحلة برنامج «النادي الدولي» التلفزيوني، كانت هي أهم المراحل في حياة سميرصبري، ولأنه يجب أن يتذكر ويذكر كل شيء عن هذه المرحلة، فقد تابعنا الحديث عن هذه المرحلة..
قلت له:
• كنت تقدّم فقرات سياسية في برنامج «النادي الدولي» فهل كانت تسبب لك أية متاعب؟
فأجاب:
- في عهد الرئيس أنور السادات أنشأ أو سمح بإنشاء المنابر السياسية وهي أشبه بالأحزاب، وقد أردت يومها أن أقدّم أحاديث مع رؤساء هذه المنابر، فسجّلت وصوّرت أحاديث مع زعيم من المنبر الوفدي، وكان عبد الفتاح حسن باشا، وزعيم من منبر حزب مصر، وهو محمود أبو وافية، وصلاح قبضايا، عن منبر الأحرار، وقد تحدّث الثلاثة عن الديمقراطية وعن ضرورة الحرية للإنتخابات، وبعد أيام من تسجيل هذه الأحاديث ترك الدكتور محمد عبد القادر حاتم وزارة الإعلام، وهو الذي كان يحمي برنامجي من المؤامرات والمعوقات، وجاء بدلاً عنه الوزير عبد المنعم الصاوي، الذي ما إن سمع الأحاديث التي سجلتها مع زعماء المنابر حتى أمر بعدم إذاعتها، ما عدا حديث محمود أبو وافية، الذي خشي أن يمنعه، لأنه كان عديل الرئيس أنور السادات.
وأكمل سمير صبري:
- وحدث أن كنت بعد أيام أحضر فرحاً في بيت المهندس عثمان أحمد عثمان في ضاحية «الحرانية» في منطقة الهرم، فالتقيت هناك بالباشا عبد الفتاح حسن، والصحفي صلاح قبضايا، وقالا لي: إذا كنت لا تريد إذاعة أحاديثنا فلماذا أضعت وقتنا بتسجيلها، وقلت لهما: لست أنا الذي منعت إذاعة حديثيكما، بل إن الذي منعها هو الوزير عبد المنعم الصاوي، وذهبا اليه على الفور، وكان موجوداً في الفرح، واحتجا لديه، فاعتذر لهما بأن عدم إذاعة الحديثين كان سببه رداءة الصوت..
وأكمل سميرصبري:
- وفي اليوم التالي استدعاني الوزير عبد المنعم الصاوي الى بيته ولامني وقال لي: كيف تذيع أسراراً رسمية قلتها لك؟ فكان ردي: لأن زعماء المنابر يتهمونني بأنني أنا الذي منعت أحاديثهم!! فقال لي: اللي حصل حصل، ولكن لازم تعرف إن الكلام الذي أقوله لك يجب أن لا يطلع.. بره!.
وسألت سمير صبري ونحن ما زلنا فوق صخرة تعانق البحر في نادي السيارات في الإسكندرية.
• وهل مُنعت بعد ذلك أية فقرات من برنامج «النادي الدولي»؟
فأجاب:
- إنني استوقفت ذات يوم طفلاً في الشارع وسألته، ضمن برنامج «النادي الدولي»: عندما تكبر يا حبيبي، ماذا تريد أن تكون؟ فقال: عاوز أكون رئيس جمهورية!! فسألته: ليه؟ فأجاب: عشان ارفع العلم مثل بابا أنور السادات!! قلت: وهل تعرف لماذا رفع العلم؟ رفعه لأن العريش عادت لمصر. وكان هذا هو تقريباً كل الحديث المسجل في إحدى فقرات النادي الدولي، ولكن الرقابة حذفت الفقرة كلها، فذهبت للرقيبة وقلت لها: «ليه؟»، فقالت: «انت عايز تقول إن رئيس جمهوريتنا طفل»! قلت لها: «حضرتك فهمت الحوار ازاي كده، فالطفل بدلاً من أن يكون مثله الأعلى «طرزان» أو «رامبو» وجد أن مثله الأعلى أنور السادات، فهو يريد أن يصبح رئيس جمهورية»، وأوضحت لها أن هذه شهادة للسادات، لأنه استطاع أن يجعل من حق أي طفل أن يحلم بأن يكون رئيساً للجمهورية.
سألته:
• وهل نجحت في إقناعها؟
فأجاب:
- لا، فشلت طبعاً، فقدّمت شكوى لرئيس التلفزيون، وكانت النتيجة أنه لم تتمّ إذاعة الحلقة..
وقلت عندئذٍ للنجم المتعدد المواهب:
• لماذا لم تستفد من علاقاتك الطيبة ببعض وزراء الثقافة والإعلام في الخلاص من هذه الأزمات المفتعلة؟
فأجاب:
- الوزيران السابقان كمال أبو المجد ومنصور حسن، لم ينصراني لمجرد أنهما يعرفاني، ولكن لأن عملي كويس لازم ينتصر، كما كانا يؤمنان بالجرأة التي أعمل لها، ولم أتعود أبداً أن أطرق باب أحد الوزراء عندما يحدث شيء مما ذكرته، لأنه لم تكن لديّ مطامع شخصية، ولا أريد مثلاً أن أكون مراقب المنوعات ولا نائب رئيس التلفزيون، لكنهم كانوا هم الذين يحسون أن نجاحي يهدد مناصبهم.
سألته:
• من هم؟
فضحك وقال:
- الذين يسميهم شريف المنباوي في «أوراق نورا التلفزيونية»: «المستوظفون» أو الذين يوصفون الآن بـ«حزب أعداء النجاح»، وما زلت أذكر أن أحد هؤلاء بادرني ذات يوم قائلاً: ايه ده، الصحافة بتكتب عنك أكثر مما تكتب عن الوزراء.
وأكمل سمير صبري بدون أن أسأله:
- ناس أغبياء.. إنهم لا يعرفون أن الإعلام الذكي هو الذي يوصل الفكرة الى الناس بصورة غبر مباشرة، وعلى سبيل المثال، فإنني نقلت في برنامج «النادي الدولي» حديثاً لملكة مصر السابقة فريدة عن روعة النصر الذي حققه جيش مصر في حرب السادس من «أكتوبر» تشرين الأول، وهذا الرأي أجده أهم من أحاديث يقولها السياسيون مثلاً..
قلت له:
• بالمناسبة، كيف أمكن لك أن تصل الى الملكة السابقة فريدة وتقنعها بالتحدث اليك في مقابلة تلفزيونية، وهي التي كانت ترفض الكلام في وسيلة إعلامية..
وروى لي سمير صبري ما حدث، فقال:
« إنني ظللت أبحث حتى عرفت أن الملكة فريدة تقيم في حي الزمالك، على مقربة من بيتي، فذهبت اليها، وطرقت باب شقتها في الدور الأول، ففتحته لي سيدة تشبه الممثلة الكبيرة أيام زمان زينب صدقي..
وقلت لها:
• أنا سميرصبري من التلفزيون، وأريد موعداً لإجراء حديث مع جلالة الملكة فريدة..
فابتسمت وقالت لي:
- أنا فريدة، تفضل ادخل..
وبعد أن جلسنا في الصالون سألتني:
• حنقول إيه في الحديث؟
فقلت لها:
- قولي اللي تقوليه، تحت أمرك، متى تحبين أن نبدأ؟
وفي اليوم التالي سجلت معها اللقاء، وتمّ كل شيء بسرعة لأن الدكتور عبد القادر حاتم طوال وجوده بوزارة الإعلام كان يمنحني كل الإمكانات لإنجاح برنامجي، فكنت عندما تصادفني مثل هذه الفرص المهمة، والمفاجئة، أتصل فوراً بمكتبه، فتتمّ الموافقة على إعطائي «كاميرا» لتصوير اللقاء، لكنني بعد هذا الرجل أصبحت «أحفى» للحصول على كاميرا أو مصور، على أساس أنهم اعتبروني من «محاسيب الدكتور حاتم»!.
وقلت له:
• وهل استرسلت الملكة فريدة معك في الحديث؟
فأجاب:
- جداً، وهي كلمتني بصراحة عن الملك السابق فاروق، وكيف أنه الرجل الوحيد الذي أحبّته طوال حياتها، وقالت لي أيضاً إن الملك السابق لم يكن في بداية حياتهما الزوجية يلعب الورق والقمار، وأيضاً لم يتناول الخمرة في حياته كلها..
قلت له:
• وهل سألتها عن نقطة التحول في حياته، وسر تصرفاته التي أدت الى طلاقها منه..
أجاب:
- نعم، وهي قالت إن والدته الملكة نازلي كان« مشقلبة» حياته، تماماً مثلما استنتجت أنت ذلك في الحلقات التي قدمتها في مجلتك منذ ما يقرب من عامين لقراء مجلتك في أرجاء العالم العربي، وقالت لي الملكة فريدة: إن الملك السابق في بداية حياتهما الزوجية كان مهذباً ولطيفاً، وأضافت «أنا أحببته.. أحببته.. أحببته.. حباً كبيراً جداً، ده أبو بناتي يا أستاذ»!. وقلت للنجم المتعدد المواهب:
• وهل اعترضت الرقابة على عرض حديثك مع الملكة السابقة؟