شارع النجوم / النجم المتعدد المواهب و.. الحكايات «12»
فنانون: سمير صبري
حوار بين محمد بديع سربيه وسمير صبري

النجم المتعدد المواهب و.. الحكايات «12»

قالت فيفي عبده إنها من «ميت أبو الكوم» فطار «النادي الدولي» وكثرت الاتهامات..

كتب الراحل محمد بديع سربيه عام 1990:

كانت قد انتهت الإجازة التي أخذتها لنفسي من العمل, ثم أمضيتها في الاسكندرية بالاستماع في أكثر من مكان الى ذكريات النجم المتعدد المواهب, سمير صبري ولا سيما عن المرحلة التي كان يقدم فيها البرنامج التلفزيوني الناجح «النادي الدولي»..
«إن ما سمعته عن «النادي الدولي» ليس هو إلا نصف ما عندي»..
هكذا قال سمير صبري وأنا أودعه بعد انتهاء الاجازة, وعندئذ تواعدت معه على أن نلتقي في وقت قريب, وفي القاهرة, لنتابع تسجيل الذكريات ونملأ بها حقائب وليس حقيبة واحدة..
وكان هذا «الوقت القريب» بعد ثلاثة أشهر..
إن سمير صبري اتصل بي تليفونياً في الأسبوع الأخير من السنة ودعاني الى السهرة التي اعتاد أن يقيمها في أحد الفنادق الكبرى بمناسبة ذكرى ميلاده في التاسع والعشرين من شهر كانون الثاني «يناير»..
وقلت له» وبالتأكيد شغلتك أعمالك الكثيرة عن تذكر النصف الباقي من ذكريات «النادي الدولي»..
فأجاب:
أبداً, وما أرجوه أن تحضر باكراً الى الحفلة, وقبل حضور الناس بساعتين على الأقل لنتابع الكلام..
ووافقت..
وفي القاعة المزينة بالبالونات والأضواء والتي كان سمير صبري سيحتفل فيها بذكرى ميلاده, جلسنا وحدنا, سمير صبري وأنا وتابعنا الحديث الذي بدأناه في الاسكندرية, وطفنا خلاله بين كلية فيكتوريا, ومسرح عبد الوهاب, ونادي السيارات, والترامواي «أبو دورين»!
وقلت للنجم المتعدد المواهب:
بالتأكيد واجهتك عقبات أدت في النهاية الى ايقاف برنامجك الناجح «النادي الدولي» في منتصف السبعينات؟
فأجاب:
كانت العقبات كثيرة في الحقيقة, تصوّر, مثلاً, لما كنت أطلب سيارة الاستديو لتصوير لقطة خارجية, ألاقي زميلة أو زميلاً يتحايل حتى لا أخرج بالسيارة, وكانت الحرب أيضاً داخلية, ومن «جوه» كان مراقب القسم التابع له برنامجي يقول لي «مفيش كاميرات, مفيش ستوديو, اتصرف انت»!
وحتى لما سجلت أحاديث بمناسبة حرب أكتوبر, ونجحت في إقناع ابنة الرئيس الراحل أنور السادات وابنه جمال السادات مع ابنته الصغيرة «نانا» ليتحدثوا عن ذكرياتهم حول ما حدث يوم العبور, ووجهت لهم أسئلة عما فعله الرئيس وما فعلوه يوم الحرب, وتحدثت جيهان السادات حول ما حدث, فوجئت من الرقيب بما أذهلني!»..
سألته بفضول:
ماذا حدث؟
فأجاب:
رغم إحساسي بأني حققت «خبطة» تلفزيونية كبيرة فقد فوجئت بالرقيب يريد تشويه الحلقة بأية طريقة, لأنه صديق أحد مقدمي البرامج الأخرى, وبالطبع لا يريد أن أفوز بجولة ناجحة, فحذف لقطة عائلة أنور السادات, بحجة أنه لا يصح ذكر ما حدث للرئيس, حتى ولو على المستوى العائلي, باعتباره من الأسرار العسكرية, ويجب عدم التعرض له على الإطلاق.
طبعاً, دافعت, وحاولت توضيح الموقف لوزير الإعلام, وكان في ذلك الوقت السيد عبد المنعم الصاوي, وأكدت له أن الناس تسعدهم معرفة ما كان يفعله الرئيس السادات يوم السادس من اكتوبر, حتى الساعة الثانية ظهراً, قبل اصداره أمر العبور, وأيضاً عندما يرونني أحاول بمليون حيلة تصوير ابنه وابنته وقرينته في حديقة منزلهم, وهم يتكلمون بطريقة طبيعية, فما هو الضرر؟
لكن الأمور استمرت على هذا الوضع, حتى وجدوا حجة الفنانة فيفي عبده..
قلت له ضاحكاً:
وكانت القشة التي قصمت ظهر البعير؟
وبدأ يروي حكاية هذه.. «القشة» وقال:
قيل لي مرة في التلفزيون إنني متهم بمجاملة نجوى فؤاد أكثر من اللازم, وإنني أظهرها كثيراً في حلقات «النادي الدولي» فكان ردي أنها نجمة سينمائية بالإضافة الى أنها تقدم استعراضات على مستوى عالمي في فندق «شيراتون القاهرة», ولكنهم في التلفزيون أصروا علي بأن أقدم زميلاتها أيضاً, فأخذت فيفي عبده..
قلت:
وبعدين؟
فأجاب:
من التقاليد المعروفة في المقابلات الإذاعية والتلفزيونية, أن يحاول المذيع إحراج من يتحدث معه ليخرج منه أطرف الأجوبة, وهكذا سألت فيفي عبده:
اسمك الحقيقي ايه؟
فأجابت:
عطيات..
وقلت لها:
انت منين؟
طبعاً, أنا سألتها على أمل أنها تقول «أنا من الصعيد» حتى أتكلم عن الرقص الصعيدي, أو تقول «أنا فلاحة» فنتحدث عن الرقص الفلاحي, لكنني فوجئت بها تقول:
أنا من مواليد ميت أبو الكوم «أي من نفس بلدة الرئيس أنور السادات»..
ويكمل سمير صبري:
«نظرت الى المونيتور» ليريني حجم اللقطة, وما اذا كانت بالطول أو «كلوز» أي مأخوذة عن قرب, فرأيت اللقطة من بعيد, وبالطول, فظللت أنظر الى «المونيتور» حتى ينقل المخرج على «كدر» آخر, فيصورني بشكل مختلف, لأني أعرف أن هذه اللقطة سيتم قطعها في المونتاج, فلا تكون هناك «نطة» أو قفزة في الكلام, وطبعاً, لم يكن المونتاج متطوراً مثل هذه الأيام.
وظللت أنظر الى «المونيتور» لمدة ثلاثين ثانية, حتى أدرك المخرج أنني عملت هذه الوقفة «مخصوص» ونقل عليّ ودخلت في حديث آخر مختلف, وسألتها: «منذ متى وأنت فنانة؟ وأجابت, وانتهى التسجيل, فقلت للمخرج:
أخذت بالك؟
فقال:
الجزء الخاص بـ«ميت أبو الكوم» سأحذفه..
ويومها, صوّرت العديد من المقابلات لكي تذاع في وقت أكون فيه أمثّل في لندن, مسلسلاً من إنتاج أحمد فؤاد الورداني, وكان يشترك معي في تمثيله: يسرا, يوسف وهبي, سامية جمال, وناهد شريف, وهذا المسلسل صوّر ولم يعرض حتى الآن.
والمهم, أن مخرج «النادي الدولي» لم يحذف من المقابلة التي أجريتها مع فيفي عبده اللقطة التي قالت فيها إنها من «ميت أبو الكوم» وأذيعت المقابلة كما هي, وظهرت فيها وأنا أنظر الى المخرج نصف دقيقة وكأنني أقول للمخرج بأن يقطع المشهد..
وكان ممكناً أن تمر المسألة ببساطة, لأنها أصلاً لا تستاهل أية ضجة, فإن البلدة الواحدة تنجب أشخاصاً مختلفين, ولا يسيء الى الرئيس أنور السادات أن تكون فيفي عبده من نفس بلدته»!.
قلت ضاحكاً:
وكانت.. القشة؟
فأجاب:
أيوه يا سيدي, فإن وزير الإعلام عبد المنعم الصاوي اتصل في اليوم التالي, ومن الساعة التاسعة صباحاً, بإدارة التلفزيون, وأمر بتوقيف برنامج «النادي الدولي» بصورة نهائية..