من القلب / أنا خائفة
فنانون: مي سربيه شهاب
أنا خائفة

أنا خائفة

أنا خائفة…

تقولها المرأة في بلادي، وفي قلبها غصة تستصرخ الضمائر ولكن الكثير من أصحاب القرار وقرت آذانهم وتحجرت قلوبهم.

أنا خائفة …

تقولها كل إمرأة وشابة وطفلة كن ضحايا العنف الأسري أو المجتمعي …عنفن، ضربن وسالت دماؤهن.

أنا خائفة…

تقولها كل طفلة تم تزويجها ولم تشفع لها براءتها وغض عودها من تحمل عبء حياة ولجت اليها غير محصنة بسلاح المعرفة، والعلم، والوعي بثقل المسؤوليات وأهمية الحقوق و ركائز الواجبات.

أنا خائفة…

تقولها كل من وقعت على وثيقة زواج من غير لبناني، وغاب عنها أو بمعرفتها ان اسرتها في المستقبل ستوقع وثيقة حب وانتماء للبنان، ولكن من طرف واحد …فلا جنسية لبنانية لزوجها ولأولادها، حسب قانون الجنسية اللبناني الصادر عام ١٩٢٥، الذي يعطي الحق بمنح الجنسية اللبنانية للأب اللبناني وليس للأم اللبنانية، قانون يخالف روح الدستور اللبناني الذي يؤكد على المساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين دون تمايز أو تفضيل، قانون جائر يجعل أسرة الأم اللبنانية تحرم من حقوقها في ميادين شتى:العمل، التعليم، الرعاية الصحية والاجتماعية، ومهددة احيانا كثيرة لم شملها، كما حدث مؤخرا بسبب جائحة كورونا.

أنا خائفة …

تقولها الطالبة والشابة والزوجة والأم ، هن خائفات على الغد والمصير ، على جنى العمر وشقى السنين،على الأمن والأمان، على حلم الجيل الجديد.

بريق الماضي وحلاوته ترك المكان لمرارة الحاضر وضبابية المستقبل.

المرأة في لبنان عذابها مضاعف، حزنها مضاعف، ونضالها مضاعف، نار الظلم تستعر أمامها وهي تحارب على كل الجبهات ، تحارب ظلم بعض القوانين وسوء تطبيق بعضها الآخر، تعاني من غباء بعض العادات والأعراف والتقاليد، ومن سلبية المجتمع وتكاسله عندما يتعلق الأمر بإنصافها .

مع جائحة كورونا وجدت نفسها ضحية للعنف الأسري بسبب الحجر المنزلي، وفي العمل كانت ضحية للبطالة وعدم المساواة في الأجر وفرص العمل، مع تدهور سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار ،انهارت قدرتها الشرائية وحجزت حرية التصرف بأموالها في المصارف، وما عادت قادرة على مصاريف التعليم وأعباء الاستشفاء والمرض، وغيرها من أمور حياتها، وتوجت عذاباتها بانفجار المرفأ الزلزالي، فكانت الضحية ، والشهيدة والجريحة ، وذرفت الأم والأخت والزوجة والبنت الدموع لرحيل الأحبة وحريق القلوب، ودمار بيروت، وخطف الذكريات.

هل أوقف العد؟ …سيل الأحزان لا ينتهي وهدر الجراح لا يتوقف.

ولكن من قال ان المرأة في بلادي هزمها الحزن وكسرها الظلم؟ بل نفضت عنها كل افكار الانهزام وحفرت في صخر العلم والمعرفة أجمل لوحات النجاح و التفوق وأثبتت ريادتها في شتى المجالات.

يا أصحاب القرار ان كنتم اليوم عاجزين عن وقف الانهيار المالي والإقتصادي والاجتماعي والاستشفائي والسياسي والمؤسساتي، وغير قادرين على استعادة دولة الحق والعدل والمساواة، على الأقل ابدأوا بإنصاف المرأة، وتعزيز حقوقها بعيدا عن حساباتكم السياسية، وهذا لن يكلفكم (دولارات) من نوع (فريش)، ولن تحتاروا بسعر صرفه ما بين منصة، وسوق سوداء، وسعر رسمي، ولن تحتاجوا إلى قروض خارجية ولا حتى محلية، ولن تنتظروا توافقات ومبادرات إقليمية أو دولية.

كل ما تحتاجونه رزمة إصلاحات، لإدخال بعض الأمل إلى قلب كل لبنانية تحمل لبنان في قلبها.

مي محمد بديع سربيه