فيروز.. يا من نثرت في ذاكرتنا أشعة الحب.. نحبك
لم يكن لكلام قيل بحق فيروز أن يقلع الناس عن حب من كانت الأنشودة في ذكرياتهم، والنغم في صباحهم، ونسيم الوطن الذي يتنشقونه وهم في غربتهم، والأغنية والشوق والضمير الذي سكن ذاكرتهم وتربّع على عرش قلوبهم.
فيروز التي احتفلت بعيد ميلادها الثمانين منذ أسابيع قليلة، اكتشفنا اليوم بأنا كنا مقصّرين بغمرها بحبنا، وتطويقها بزهور الشوق، ربما لأن مشاغل الدنيا دائماً تنسينا إعلان الحب لمن نحبهم، ولكن ربما كانت زوبعة الكلام المسيء لمن رفعت اسم لبنان عالياً حاملة لواء الفن الراقي لعقود، مناسبة لنعلن حبنا لفيروز.
كانت فيروز تزور بيتنا مع زوجها عاصي الرحباني بحكم صداقتهما لوالدي وما زلت أحتفظ بصور سهرة أقامها والدي في منزلنا جمع فيها عبد الحليم حافظ وفيروز وجمع من الفنانين والسياسيين ولم يتح يومها القدر لي أن ألقاها لأنني لم أكن قد ولدت بعد وكنت منذ صغري اتمنى ان التقي بها. ومع اندلاع الحرب اللبنانية وهِجرتنا، بعدت أمنيتي بأن ألتقي فيروز، ولكن القدر سمح لي بأن ألتقيها مرتين بعدما استلمت رئاسة تحرير «الموعد»، المرة الأولى في منزلها في الروشة ومع باقة من الزملاء الصحفيين، ويومها وجدت ما كانت تقوله لي أمي من أن فيروز فنانة متواضعة وكانت تخبرني بأنها كانت عندما ما تدعى مع والدي إلى بيت عاصي وفيروز كانت فيروز تعد بنفسها الطعام، وفي لقائي بها في منزلها في الروشة وجدت فيروز سيدة متواضعة تحرص بنفسها على تقديم الطعام لضيوفها وبحسب التقاليد اللبنانية كانت تصر علينا بتناول الطعام لو لاحظت أن أحدنا مقل في تناول الطعام، كما أنها كانت محبة، متواضعة وعفوية إلى أبعد الحدود تحاور الكل وتسأل وتجيب بعيداً عن وهج النجومية.
وبعد عدة أعوام دعتني فيروز للقائها في بيتها في الروشة وكنا لوحدنا وكان الموعد في الثالثة بعد الظهر وعندما قرعت الباب كانت هي التي فتحت الباب بنفسها، لا خدم، لا رجال أمن لا سكرتارية، لا مدير أعمال، هي فقط، بابتسامتها وجلسنا ساعتين نتبادل الأحاديث والطرائف والأخبار وننتقل من السياسة إلى الفن إلى المشاكل الاقتصادية الى الأزمات الاجتماعية، وبداية حديثنا كانت عن تذكر ظروف لقائنا الأول وكانت وقتها تزور والدتي ابنة بطل استقلال لبنان السيدة الراحلة علياء رياض الصلح يومها وقفت أستأذن منها في الرحيل ولما عرفت السيدة علياء أن هناك موعد مسبق مع فيروز ضحكت وقالت بحب وود "سلميلي على فيروز فهي صديقتي"، وفعلا حملت السلام وطلبت مني فيروز أن أحمل لها السلام الحار... وهكذا في لقائي الثاني معها عبرت فيروز عن حزنها لرحيل السيدة علياء الصلح وكيف أن موتها كان خسارة كبيرة، وبدأ الحديث بيني وبين فيروز يتفرع ويتشعب سألتني كثيراً عن صباح ووضعها الصحي كما سألتني عن العديد من الفنانين من مصر ولبنان... حاورت فيروز بلا ورقة ولا قلم ولا تسجيل كنت أراقبها وهي تتحدث وتضحك وتعلق.. وأقول: من أين لها كل هذه العفوية وكل هذا التواضع، سألتها عن شائعات كثيرة نفتها وقالت إنها لا تعرف لمصلحة من تُثار هذا الأقاويل الكاذبة من وقت لآخر.
فيروزتنا... الكبار دائماً يتعرضون للإساءة، ولكن ثقي بأنه لا كلام من شأنه أن يسمّم أفكارنا ويلوّث ذاكرتنا التي سكنتيها بعدما نثرت فيها أشعة الحب وهي مناسبة لأن نعلن حبنا لمن ملكت برقتها قلوبنا.
في عيدك الثمانين نهديك الحب ويعلن جمهورك ولاءه لجمهورية المحبة والجمال والنغم والفن والرقي التي تربعت على عرشها ونوّرت بصوتك زواياها ومهما يقولون ويقال ففيروزتنا كانت وستظل رائدة فن وخير وجمال، وبدل حروب الكلام نعلن لك الحب.
مي سربيه شهاب
فيروز التي احتفلت بعيد ميلادها الثمانين منذ أسابيع قليلة، اكتشفنا اليوم بأنا كنا مقصّرين بغمرها بحبنا، وتطويقها بزهور الشوق، ربما لأن مشاغل الدنيا دائماً تنسينا إعلان الحب لمن نحبهم، ولكن ربما كانت زوبعة الكلام المسيء لمن رفعت اسم لبنان عالياً حاملة لواء الفن الراقي لعقود، مناسبة لنعلن حبنا لفيروز.
كانت فيروز تزور بيتنا مع زوجها عاصي الرحباني بحكم صداقتهما لوالدي وما زلت أحتفظ بصور سهرة أقامها والدي في منزلنا جمع فيها عبد الحليم حافظ وفيروز وجمع من الفنانين والسياسيين ولم يتح يومها القدر لي أن ألقاها لأنني لم أكن قد ولدت بعد وكنت منذ صغري اتمنى ان التقي بها. ومع اندلاع الحرب اللبنانية وهِجرتنا، بعدت أمنيتي بأن ألتقي فيروز، ولكن القدر سمح لي بأن ألتقيها مرتين بعدما استلمت رئاسة تحرير «الموعد»، المرة الأولى في منزلها في الروشة ومع باقة من الزملاء الصحفيين، ويومها وجدت ما كانت تقوله لي أمي من أن فيروز فنانة متواضعة وكانت تخبرني بأنها كانت عندما ما تدعى مع والدي إلى بيت عاصي وفيروز كانت فيروز تعد بنفسها الطعام، وفي لقائي بها في منزلها في الروشة وجدت فيروز سيدة متواضعة تحرص بنفسها على تقديم الطعام لضيوفها وبحسب التقاليد اللبنانية كانت تصر علينا بتناول الطعام لو لاحظت أن أحدنا مقل في تناول الطعام، كما أنها كانت محبة، متواضعة وعفوية إلى أبعد الحدود تحاور الكل وتسأل وتجيب بعيداً عن وهج النجومية.
وبعد عدة أعوام دعتني فيروز للقائها في بيتها في الروشة وكنا لوحدنا وكان الموعد في الثالثة بعد الظهر وعندما قرعت الباب كانت هي التي فتحت الباب بنفسها، لا خدم، لا رجال أمن لا سكرتارية، لا مدير أعمال، هي فقط، بابتسامتها وجلسنا ساعتين نتبادل الأحاديث والطرائف والأخبار وننتقل من السياسة إلى الفن إلى المشاكل الاقتصادية الى الأزمات الاجتماعية، وبداية حديثنا كانت عن تذكر ظروف لقائنا الأول وكانت وقتها تزور والدتي ابنة بطل استقلال لبنان السيدة الراحلة علياء رياض الصلح يومها وقفت أستأذن منها في الرحيل ولما عرفت السيدة علياء أن هناك موعد مسبق مع فيروز ضحكت وقالت بحب وود "سلميلي على فيروز فهي صديقتي"، وفعلا حملت السلام وطلبت مني فيروز أن أحمل لها السلام الحار... وهكذا في لقائي الثاني معها عبرت فيروز عن حزنها لرحيل السيدة علياء الصلح وكيف أن موتها كان خسارة كبيرة، وبدأ الحديث بيني وبين فيروز يتفرع ويتشعب سألتني كثيراً عن صباح ووضعها الصحي كما سألتني عن العديد من الفنانين من مصر ولبنان... حاورت فيروز بلا ورقة ولا قلم ولا تسجيل كنت أراقبها وهي تتحدث وتضحك وتعلق.. وأقول: من أين لها كل هذه العفوية وكل هذا التواضع، سألتها عن شائعات كثيرة نفتها وقالت إنها لا تعرف لمصلحة من تُثار هذا الأقاويل الكاذبة من وقت لآخر.
فيروزتنا... الكبار دائماً يتعرضون للإساءة، ولكن ثقي بأنه لا كلام من شأنه أن يسمّم أفكارنا ويلوّث ذاكرتنا التي سكنتيها بعدما نثرت فيها أشعة الحب وهي مناسبة لأن نعلن حبنا لمن ملكت برقتها قلوبنا.
في عيدك الثمانين نهديك الحب ويعلن جمهورك ولاءه لجمهورية المحبة والجمال والنغم والفن والرقي التي تربعت على عرشها ونوّرت بصوتك زواياها ومهما يقولون ويقال ففيروزتنا كانت وستظل رائدة فن وخير وجمال، وبدل حروب الكلام نعلن لك الحب.
مي سربيه شهاب