من القلب / الشعب يريد ولكن...
فنانون : مي سربيه شهاب
الشعب يريد ولكن...

الشعب يريد ولكن...

سألتني إحدى الصديقات المقيمة في الخارج:
• تظاهرات الشعب اللبناني الأخيرة ضد إسقاط النظام تعني أنها موجهة ضد رئيس جمهورية حكم طويلاً وحان الوقت لأن يرحل، كما حصل في العديد من الدول العربية.
أجبتها:
- الواقع أنه لا رئيس جمهورية للبنان وهذا المركز شاغر منذ أكثر من سنة وأربعة أشهر والشعب اللبناني من ضمن مطالبه في التحركات التي قام بها، هي انتخاب الرئيس.
فأجابت:
• الظاهر أن السلطة عندكم في لبنان تنحصر مقاليدها في رئيس الوزراء كالمملكة المتحدة والشعب يريد
إسقاطه.
فقلت لها:
- الواقع أن الرئيس تمام سلام أصبح رئيساً لمجلس الوزراء منذ أشهر قليلة، وفي ظل عدم وجود رئيس للجمهورية، أي قرار يصدره مجلس الوزراء، على الأربع وعشرين وزيراً أن يوقّع عليه، فلا تفرُّد ولا حصر للسلطات في يد الرئيس سلام.
فقالت إذن الشعب يعترض على قرارات مجلس النواب، فقلت لها بأن مجلس النواب لا ينعقد حالياً إذ أن الشعب لم يعد قادراً على إحصاء عدد الجلسات التي دُعي اليها النواب لانتخاب رئيس للجمهورية ولم تنعقد.
• فقالت إذن الشعب يعترض على من؟

فقلت الشعب يعاني من طبقة سياسية تُطْبق على مقاليد الحكم وتتقاسم فيما بينها الحصص والمحسوبيات فضرب الفساد قطاعات الدولة حتى أصبح ثقافة وواقعاً يتعامل معه المواطن بشكل يومي، الى أن جاءت أزمة النفايات التي ملأت كل أركان الوطن الجميل لتبيّن مدى فشل هذه الطبقة السياسية في إدارة أي ملف حتى أبسط الملفات، فبعد انقطاع الكهرباء والماء، وغلاء الأسعار والبطالة، والفساد المستشري في كل القطاعات وهجرة الأبناء جاءت أزمة النفايات لتتوِّج هذه الأزمات ولتكون نقطة الماء التي فاض معها صبر المواطن اللبناني. فقالت صديقتي: ولكن يقولون إن هذا الحراك تحرِّكه جهات أجنبية.. فقلت لها:

- لا أحد يستطيع أن يكشف مدى وطنية كل فرد نزل الى المظاهرات ولكن الواقع، إن كل المطالب التي طالب بها الناس في المظاهرات كانت محقة، أيعقل أننا شعب يفكر يومياً كيف يحصل على الماء والكهرباء وكيف يزيح النفايات من أمام منزله؟ فالناس طالبت بحقوقها بعد أن ملّت الانقسامات السياسية ما بين 8 و14 آذار، وفي آخر المطاف اكتشف الشعب أن هذه الطبقة السياسية المنقسمة فيما بينها متفقة عليه، فملّ الشعب الوجوه والشعارات والانقسامات والحروب ونزل ليتظاهر من أجل العيش بكرامة بعدما عانى الشعب اللبناني على مدى سنوات طويلة من الحروب وكل أنواع الأزمات المعيشية. الشعب ثائر محبط ولكنه لا يواجه متسلطاً واحداً بل العديد منهم فهل سيقدر على إسماع صوته وفرض رغبته؟؟
الشعب يريد العيش بعيداً عن الانقسامات السياسية والمذهبية والطائفية، يريد العيش بكرامة متمتعاً بأبسط حقوقه.
الشعب يريد.. ولكن هل من يصغي ويستمع؟

مي سربيه شهاب