من القلب / ووصل الفساد إلى لقمة العيش
فنانون: مي سربيه شهاب
ووصل الفساد إلى لقمة العيش

ووصل الفساد إلى لقمة العيش

في مؤتمر صحفي أعلن وزير الصحة اللبناني وائل أبو فاعور عن اسماء محلات و«سوبر ماركت» ومطاعم ضُبط في مطابخها طعام غير مطابق للمواصفات، منها ما هو فاسد، منها ما هو ملوّث بمياه المجارير، منها ما يعتبر مستوطنات للبكتيريا والميكروبات، الصادم في اللائحة التي أعلنها الوزير أن بعض الأسماء كانت تنال ثقة المواطن اللبناني والبعض منها كانت تعتبر من أماكن الطعام الفاخر، القائمة كانت صادمة، استشرى الفساد كالمرض الخبيث في معظم أوصال لبنان وانتشر في مختلف القطاعات وها هو يصل إلى لقمة العيش، إلى طعام المواطن.

فالمواطن اللبناني، إذا لم تهزمه الحروب ومعاناته اليومية من تعقيدات انقطاع المياه والكهرباء والاستشفاء والدواء، وتوتره اليومي بسبب مشاكل حياته اليومية، لقمة عيشه كفيلة بأن تسمّمه وربما أن تقتله... تعرّض المواطن اللبناني لمختلف أنواع الحروب: حرب العصابات، حرب الجيوش، الحرب النفسية، الحرب تحت شعار الدين والمذهب.

وامتدت حروبنا وتنوعت حتى وصلت للحرب الغذائية... قد يستغرب البعض كمية الغش التي وصلت إلى طبق الطعام، ولكن مع استشراء الفساد هل سيكون الطعام بمأمن من كل فساد إذ لن يكون الغذاء جزيرة بعيدة مما يدور حولها في وطننا.

ولكن من الطبيعي أمام عجز الدولة وانقسام الشعب أن يصل الفساد إلى أي قطاع، وكان الاعلام اللبناني أول من سلّط الضوء على الفساد في القطاع الغذائي حتى إن الإعلامية «ريما كركي» تعرض في كل حلقة من برنامجها «للنشر» زيارة مفاجئة قامت بها كاميرا البرنامج لخمس مطاعم وتعرضها بحلوها ومرها على المشاهدين... ومع إعلان وزير الصحة أسماء المؤسسات المخالفة، انهالت عليه كلمات الدعم ولكن أيضاً كلمات الانتقاد وأحياناًَ الهجوم، فكان رده عليهم «لن تكون هناك سياحة لو كانت سياحة الأكل الفاسد وما المطلوب مني أن أعتبر مياه المجارير عطورات؟».

هذا بعض من الكوميديا السوداء في الحياة السياسية اللبنانية ورغم كل ما جرى نأمل أن تتكاتف الدولة والإعلام ووزارة الاقتصاد بهذا الملف للوصول إلى بر الأمان الغذائي، فهل أملنا بلقمة نظيفة صالحة للاستهلاك الآدمي حلم كبير لا يجوز أن نحلم به لأنه أعلى من طموحاتنا؟