أطول حديث مع عمر الشريف (الجزء السابع عشر)
·ما زلت أتمنى انتاج فيلم عن حياة الملك عبدالعزيز
·اكتشفت أخيراً بأن الأناقة لا تعني سوى.. المظاهر!
·أهرب الآن من المنجمين.. لأني أتشاءم من معرفة المستقبل
---------------------
ويتابع النجم الراحل عمر الشريف حديثه عن المخرج ديفيد لين في الحوار الذي أجراه مع "الموعد" عام 1978...
وأسأله:
· لا بد وأن ديفيد لين كان مؤمناً بأصالة موهبتك الفنية!!
يرد:
- ربما.. ما أعرفه أننا منذ التقينا أصبحنا صديقين، صحيح أنني كنت لا أنسى أبداً أنه أستاذ كبير لي، إلا أنه كان دائماً يحاول أن يحملني على أن أنظر إليه كصديق أولاً، وفي الأفلام التي أخرجها لي كان يدعوني دائماً إلى مائدته، ويوجد الأجواء التي نكون فيها مجرد صديقين وليس أستاذاً وتلميذ له... ولقد صارحني هو بنفسه في أحد المرات بأن أكثر ما يشده إليّ هو أنني مستمع جيد، واستوعب تماماً كل ما يقوله، وهو بطبيعته يحب الذين يستمعون إليه أكثر مما يميل إلي من يبالغون من مناقشته..
· وأنت في القمة العالمية إلى جانبك صديق سينمائي كبير مثل ديفيد لين، ألم تفكر مرة في أن تنتج فيلماً كبيراً عن بلادك؟!
- عملية إنتاج الأفلام في أوروبا أو أميركا ليست سهلة كما هي في مصر مثلاً، وان الانتاج هناك عملية ضخمة لا يقدر عليها فرد لوحده، وإنما تقوم بها شركات ذلك الامكانيات المادية والفنية والبشرية أيضاً، ولهذا السبب لم أتمكن من تحقيق أمنيتي في أن أخرج فيلماً أتقاسم بطولته أنا وبريجيت باردو، فإن الشركات التي سعيت إليها لتتولى إنتاج هذا الفيلم اشترطت عليّ أن تكون بطلة الفيلم أميركية، فلم أوافق، لأن هدفي لم يكن مجرد إنتاج فيلم، وإنما الإقدام على تجربة جديدة، ومع ممثلة فرنسا الأولى التي لم أجتمع بها في أي فيلم.
· لو أن الفرصة أتيحت لك لانتاج فيلم عالمي مأخوذة قصته من تاريخ بلادك فأي قصة تختار؟!
وروي لي حكاية فقال:
- لقد استهوتني تماماً قصة الملك عبدالعزيز آل سعود، مؤسسة المملكة العربية السعودية، ومنذ سنوات بحثت مع بعض الأمراء السعوديين في هذا الموضوع وقلت لهم إن قصة الملك الراحل حافلة بالأحداث التاريخية الضخمة، ويمكن أن تتحول إلى فيلم يثير اهتمام العالم كله، وخصوصاً في هذا العصر الذي أصبحت فيه السعودية صاحبة الثروة الأكبر في الدنيا، وطُلب إليّ أن أدرس الموضوع ودرسته فعلاً واقترحت الاستعانة بأحسن المخرجين والفنيين والكتّاب في العالم للمساهمة في هذا الفيلم، ولست أدري لماذا لم يعد أحد يهتم بالموضوع، بدليل أن الذين كانوا متحمسين له توقفوا تماماً عن متابعة البحث معي بشأنه..
وأتأمل بساطة ملابس عمر الشريف وأنتقل معه إلى حديث آخر وأقول له:
· هل تعتبر نفسك أنيقاً؟!
ضحك وقال:
- كما ترين.. انني الآن لا أرتدي إلا ما يريحني من ملابس..
· ومع ذلك، ففي وقت ما كنت توصف بأنك من أكثر نجوم السينما أناقة..
فهز برأسه وقال:
- فعلاً، وقبل تسع سنوات منحت جائزة "بروميل" أنا والملاكم الفرنسي جان كلود بودييه، بوصفنا أكثر رجال العالم أناقة، ولكن لم تعد الاناقة تأخذ الكثير من اهتمامي، ولم أعد أشعر بحماس للطواف على المحلات واختيار أجمل البذلات، وأحلى ربطات العنق، وأرقى القمصان.. الآن لا أحب إلا الملابس الخفيفة، ولا أضع ربطة العنق إلا عندما يكون هناك مناسبات رسمية جداً.. تسأليني: لماذا؟! أقول لك لا أعرف.. ربما يكون الملل، أو ربما يكون السن الذي بلغته، أو قد أكون اكتشفت بأن الاناقة لا تعني شيئاً سوى المظاهر..
· هل تحت أن تعرف المجهول، أن تسبق الزمن؟!
- أيوه.. ولكن ليس الآن، زمان عندما كنت شاباً، كنت أستمتع بالذهاب إلى المنجمين والسحرة والذين يقرأون النجوم والفلك وغير ذلك من فنون الاستطلاع وكشف الغيب، أما الآن، بل ومنذ سنوات طويلة، لم يعد عندي أي ميل أو اهتمام بهذه الأشياء، ففي أيام الشباب كنت أتوق إلى أن أعرف الصورة التي سيكون عليها مستقبلي، أما الآن.. فانني لا أهتم أبداً بما سوف يحدث لي وعندما كنت قبل عامين في القاهرة، زارني في فندق "مينا هاوس" منجم أظن انه عراقي الأصل، وطلب مني أن أحرق ورقة أعطاها لي، حتى يقرأ لي مستقبلي، وخفت وهربت منه، وقلت له: إذا كان عندي في المستقبل أشياء حلوة فإنني أفضّل أن أفاجأ بها عندما تحصل، أما إذا كان هناك ما يدعو للتشاؤم، فلماذا أعرف به مسبقاً..
· أي نوع من الأصدقاء تحبه الآن؟
وكان جوابه:
- لقد وصلت إلى المرحلة التي أصبحت فيها المجاملات عملية مرهقة لي، انني لا أحب أن أقيّد نفسي بأية مظاهر اجتماعية، ولا أن أحضر الحفلات الرسمية التي يكون مطلوباً مني فيها أن أتصرف حسب الاتيكيت.. أكثر ما ارتاح إليه الآن أن أجلس مع أصدقاء لي من لاعبي "البريدج" أو من الفنانيين لنتكلم عن السينما، ونبحث عن أفكار جديدة، أو مع أصدقاء قدامى لنستعيد الذكريات!.
- وأي نوع من النساء؟!
ويضحك قائلاً:
· مش مهم.. أي نساء أصادفهن أجد في مجالستهن نوعاً من المتعة..
والحديث لم ينته.. وإلى الحلقة القبلة