أطول حديث مع عمر الشريف (الجزء الرابع)
كنت بحاجة إلى المال فصوّرت إعلاناً للتلفزيون!
السينما العالمية أعطتني الثراء.. ولكن على مراحل
المال لا دخل له في انفصالنا أنا وفاتن حمامة
والدي نقل تجارته إلى إسبانيا.. وأمي عادت إلى البذخ
نادية ذو الفقار هي التي تركت عملها كسكرتيرة عندي.. لتتزوج
عندي حصان اسمه «أم اللؤلؤ» ثمنه ربع مليون دولار!
------------------------------
لأن المال لعب دوراً كبيراً في حياة عمر الشريف فكان لابد أن يكون محور الحوار في هذه الحلقة من الحديث الذي أدلى به لـ «الموعد» عام 1978.
• لقد شاهدك الناس في الآونة الأخيرة على شاشة التلفزيون في إعلان عن نوع معين من السجائر.. فما الذي جعلك توافق على الظهور في مثل هذا الإعلان؟
وببساطة يجيب:
- هذا الإعلان صوّرته منذ عامين، كنت يومها في حاجة إلى فلوس وعُرض عليّ أن أظهر في هذا الإعلان لقاء مبلغ كبير، فوافقت بدون أي تردد..
• هل أن المال الذي بدأ بالتدفق عليك منذ أن مثلت فيلم «لورانس العرب» هو الذي جعل حياتك العائلية تنقلب رأساً على عقب، وهل انبهارك به هو الذي باعد بينك وبين فاتن حمامة؟
- في حياتي كلها لم يبهرني المال.. فأنا لم أكن محروماً منه في أية فترة من حياتي.. لقد كنت أرى والدتي تقامر بمئات الجنيهات وأنا طفل، وأبي يكسب من صفقات الخشب عشرات الألوف من الجنيهات كل شهر.. ولو أن المال هو هوايتي لكنت رضيت وأنا شاب بالعمل في التجارة مع والدي والكسب الكثير كان فيها مضموناً بالنسبة لي.
• إذن.. ما الذي جعل حياتك تتغير؟
ويجيب:
- في الحقيقة، أنا لم أكسب مالاً كثيراً عندما مثلت في فيلم «لورانس العرب»، وأيضاً لم أغرق في الثراء عندما حقّق الفيلم نجاحاً غير عادي في جميع أنحاء العالم وقفز بي إلى عالم من الشهرة لم أكن أحلم به، ذلك أنني كنت لا أبالي كثيراً بالأمور المالية، ولذلك رضيت بالتوقيع على عقد احتكرتني بموجبه شركة «كولومبيا» لمدة سبع سنوات، وهذا العقد جعل مني غنياً ولكن على مراحل.. لأن الشركة كانت تدفع لي بموجب هذا العقد مرتباً شهرياً..
• ولكن.. هل هو مرتب كبير؟
ويقول:
- طبعاً مرتب كبير.. ولكن ما دمت أتناوله شهرياً فقد كنت أنفقه أولاً بأول ولست الآن قادراً على تحديد قيمة الملايين التي كسبتها من عملي في السينما العالمية.. إنها ملايين كثيرة ولكنني أنفقتها، أو أنفقت الجزء الأكبر منها لأنها كانت تصلني بالتقسيط.. وفي أوقات متباعدة..
• بعدما مثلت فيلم «لورنس العرب» هل عرض عليك تمثيل أفلام في مصر؟
أجاب:
- حصل، وكنت قد أنهيت تمثيل فيلم «لورانس» ولكنه لم يكن قد عرض بعد، وأنا في الحقيقة رفضت أن أعود إلى عملي في السينما المصرية بعدما بهرتني السينما العالمية بإمكاناتها وأفكارها العظيمة.. ثم أن أية شركة إنتاج سينمائية في مصر لم تكن قادرة على أن تدفع لي المبالغ التي كانت هوليوود قد بدأت تُلوّح لي بها، ولا أن توفر لي إمكانيات الظهور في أفلام عالية المستوى..
• إذن.. لم يبهرك المال، ولكنك تعودت عليه، ومن هنا بدأت حياتك العائلية في مصر بالانهيار..
وبعصبية أخذ نفساً طويلاً من سيجارته وأجاب:
- الحقيقة هي أنني أبداً لم أكن أفكر بأن يؤثّر ظهوري في السينما العالمية على أوضاعي العائلية الخاصة.. صحيح أن الشهرة العالمية لذيذة وممتعة ومبهرة، ولكن طعم الشهرة لم يكن جديداً علي.. أنني كنت من الممثلين المشهورين في الشرق الأوسط، وقبل «لورانس» مثلت في أكثر من خمسة وعشرين فيلماً مصرياً.
وأسأله بإلحاح:
• إذن.. ما الذي حدث؟
قال:
- في الفترة الأولى من عملي في السينما العالمية كنت أغتنم فرصة الراحة بين فيلم وفيلم، وأحضر لتمضية شهر أو شهرين مع عائلتي، وفي كل مرة لم يكن شمل العائلة يلتئم تماماً لأن زوجتي فاتن حمامة كانت تشغلها عني أعمالها السينمائية الكثيرة، وهي النجمة الأولى على الشاشة العربية، فاضطر إلى أن أقضي أوقاتي في فراغ، لأنني لم أكن أمارس أي عمل.. ولقد وقفت هنا أمام الاختيار الصعب، فأنني لا أستطيع أن أطلب من زوجتي التخلي عن مجدها الكبير في السينما المصرية، ولا أنا بقادر على الوحدة التي كنت أعاني منها في مصر وأوروبا وأميركا، ثم كثرت أعمالي في الخارج، وأصبحت غير قادر على المجيء كثيراً إلى مصر، واتفقنا أنا وفاتن على أن نُدخل ابني طارق وابنتها نادية ذو الفقار إلى مدرسة داخلية في سويسرا، وأن نلتقي أنا وهي في أوروبا بين الحين والآخر.. ولكن كان الأمر صعباً، فهي في كثير من الأحيان تكون مشغولة عندما أكون أنا في إجازة، أو أكون أنا مرتبطاً بتمثيل فيلم ما عندما تجيء هي في فترة الراحة، وهكذا حكم علينا الزمن بأن نفترق.. ومن هنا تعرفين أن المال لا دخل له أبداً في الموضوع.. ولم يكن هو الذي أبعدني عن فاتن حمامة..
• ولكني من متابعة قصة حياتك عرفت أنك جعلت والديك وشقيقتك يهاجرون من مصر، وكان هذا يدل على أنك كنت قد اتخذت قرارك بالإقامة نهائياً في الخارج.. بينما فاتن ما زالت تقيم في مصر..
- أنا لم أطلب من والدي وشقيقتي الهجرة من مصر، كل الذي حدث أن شقيقتي ماجدة كانت قد كبرت وأصبحت شابة حسناء، وقد تزوجت من كونت إسباني أحبته وعندما وجد والدي أنه بات وحيداً في مصر مع والدتي، وكانت تجارة الأخشاب قد بدأت بالكساد في تلك الفترة، نتيجة للتحوّل الاشتراكي في مصر، لذا آثر والدي أن يهاجرا إلى إسبانيا ليعيشا هناك..
• واعتزل والدك التجارة؟
قال:
- أبداً.. بل هو استمر يتاجر بالأخشاب في إسبانيا، وأيضاً استراحت أمي لأنها وجدت هناك مجتمعاً باذخاً، وأصدقاء وصديقات يشاركنها في لعب القمار.. وكنت أنا أتردد على العائلة بين الحين والآخر.. لأن إقامتي الدائمة كانت في باريس القريبة من مدريد..
• وفاتن.. هل زارت عائلتك يوماً في إسبانيا؟
أجاب:
- أيوه، إنها جاءت يوما ما إلى مدريد وكنت أنا فيها.. ويومها أقمنا معاً في فندق واحد، ولكن ظروف عملي لم تجعلني أقضي معها وقتاً طويلاً، وقد قيل لي أنها سافرت من مدريد وهي غاضبة عليّ، ولكنني قرأت فيا بعد أنها عندما وصلت إلى القاهرة أدلت بتصريح صحفي قالت فيه أنها فخورة بنجاحي العالمي وتريده أن يستمر حتى ولو ضحت هي من أجله بسعادتها!.
• قيل.. إنه في تلك الفترة، كان عندك سكرتيرة أميركية حسناء اسمها.. كارولين، وأنها كانت في أحيان كثيرة تحاول أن تحتكرك!.
ويجيب عمر الشريف:
- الحقيقة أن العمل في السينما العالمية يختلف عنه في السينما المصرية.. في العالم لابد للنجم المشهور من أن يوظّف عدداً من المساعدين، وأنا بعدما فسخت عقدي مع شركة «كولومبيا» الذي استمر سبع سنوات، اضطررت إلى أن أستعين بمدير أعمال ومدير محاسبة، وسكرتير خاص.. وفعلاً كان عندي سكرتيرة اسمها كارولين، وكانت مهمتها فقط أن تنظّم لي مواعيد عملي ومقابلات وتحجز لي في الفنادق والطائرات، ولكنها بالنسبة لي لم تكن أكثر من سكرتيرة، وعلى العموم فقد استغنيت فيما بعد عن هذه السكرتيرة وعينت مكانها نادية ذو الفقار، التي كانت قد كبرت وأصبحت قادرة على القيام بأعمال السكرتيرة..