ذكريات ونجــوم/ صبـــاح: في فترة مرضي كنت يائسة وفضّلت الموت على عذاب المرض
عام 2001 تعرّضت الفنانة الراحلة صباح لوعكة صحية استلزمت دخولها المستشفى عدة مرات، عن أزمتها الصحية، وآلامها في تلك الفترة كان هذا الحوار مع الصبوحة.
مي سربيه شهاب
عندما شاهدت الفنانة الكبيرة صباح عبر شاشة التلفزيون في مطار بيروت وهي عائدة من الولايات المتحدة الأميركية، شعرت بالفرح لأنها بدت لي في كامل صحتها ونشاطها وأناقتها، وفي اليوم التالي اتصلت بها لأهنّئها على السلامة، فجاءني صوتها مليئاً بالحيوية والصحة فأيقنت بأنها تجاوزت أزمتها الصحية ودعتني مع أسرتي للقائها، وفي الموعد المحدد كانت صباح بانتظارنا وكانت كعادتها أنيقة رائعة ونشيطة، وإن كان من الملاحظ أن وزنها قد نقص بعض الشيء.. وبعد الكلام والسلام والأحاديث العائلية بدأت مهمتي الصحفية، فأراد المصور التقاط الصور للصبوحة في صالون بيتها الذي كان بارداً فخفت عليها أن تصاب بالبرد، ولكنها أصرّت على التقاط الصور هناك حتى تكون زوايا الصور أحلى، وبعدها انتقلنا الى غرفة الجلوس الدافئة وبدأت حواري مع الصبوحة.
• الحمد لله على السلامة يا صبوحة، كنا قلقين عليك جداً فالذي نعرفه دائماً أن أسفارك للخارج إما أن تكون للعمل أو للسياحة، ولكن هذه أول مرة تكون للإستشفاء؟
- بالفعل، بل هي أول مرة في حياتي أتعرّض فيها لأزمة صحية كبيرة، وقد سافرت الى الولايات المتحدة الأميركية لوجود إبني الدكتور صباح هناك، وقد جاءني الى بيروت بعدما دخلت المستشفى وحين تقابلنا أصرّ على اصطحابي الى أميركا للعلاج، وبالفعل سافرت وتلقيت العلاج، ورغم المرض ربما تكون هذه الفترة من أجمل أيام حياتي، أولاً لأنني الى جانب ولديّ الدكتور صباح وهويدا، ثانياً فإن إبني قد غمرني بعطف واهتمام كبيرين، وكان قد أقسم لي في بيتي هنا وقبل سفرنا الى أميركا، أنه سيعيدني كما كنت بكامل صحتي ونشاطي، فكنت أقول له أرجوك لا أريد السفر اتركني في بلدي، ولكن أمام إصراره سافرت، وعدت بكامل نشاطي والحمد لله.
• لنعد الى بداية المرض، بماذا شعرت حتى استدعى الأمر نقلك الى المستشفى؟
- كنت عائدة في إحدى الليالي من سهرة عيد ميلاد أحد أصدقائي، وعندما دخلت غرفتي وحاولت النوم لم أستطع، إذ بدأ قلبي يدق بسرعة، وارتفع ضغطي الى درجة كبيرة، وقد حاولت الوقوف ولكنني وقعت على الأرض مما استوجب استدعاء الطبيب الذي قرّر إدخالي الى المستشفى فوراً، وهنا حملني فادي حملاً الى المستشفى لأن الكهرباء كانت مقطوعة وبالتالي لم يكن المصعد متوفراً، وفي المستشفى عرضت لصدمات كهربائية حتى ينبض قلبي بانتظام من جديد، وعدت بعد ذلك الى حياتي الطبيعية حتى أنني غنيت في برنامج سيمون أسمر ليلة رأس السنة، وكان الأطباء قد كتبوا لي على دواء وشدّدوا على أن أتناوله بانتظام، ولكني أهملت هذا تماماً بعدما رأيت بأنني شفيت ولكن الأزمة فاجأتني من جديد ودخلت الى المستشفى مرة أخرى، وفي المرة الثانية أصبت بجلطة في المصران الغليظ، وهذا سبّب لي آلاماً مبرحة كنت أصرخ بسببها، وكذلك توقفت الغدة الدرقية عن العمل فسببت لي ضربات القلب غير المنتظمة، ولكني الآن والحمد لله أجد أن كل شيء أصبح طبيعياً.
• هل طال علاجك في أميركا؟
- نعم طال علاجي في أميركا وكنت أُعالج في مستشفى «سكريبز» في «سان دييغو» وفي أول أيامي هناك كنت خائفة جداً ليس من الموت ولكن من المرض وعذابه.
• هل راودتك فكرة الموت؟
- طبعاً وكنت أقول لنفسي: الحمد لله لأنني عشت وكنت سعيدة في حياتي والآن إن مت فسأموت مثلي مثل غيري، ولكن المهم ألاّ أتعذب، وفي خلال فترة العلاج كنت أتناول دواء أشعر معه بهبوط في قلبي، وكم كانت هذه الفترات قاسية عليّ فكنت أمتنع كلياً عن الطعام وأصاب برجفة، وأنا أعتقد بأني لن أعود كما كنت، وكنت وقتها يائسة، وفي فترة الهبوط كنت أتمنى أن أموت بدل أن أعاني ممّا أنا فيه.
• في فترة مرضك كثرت الشائعات والأقاويل فهل كنت تسمعينها؟
- أنا دائماً كنت عرضة للشائعات، فمنذ عدة سنوات كنت مسافرة وانتشرت شائعة في لبنان بأنني أصبت بالجنون، فعدت على الفور وكذّبت الشائعة، وفي فترة مرضي كنت أسمع شائعة موتي لأنني كنت أتلقى اتصالات من الناس وهم يبكون عليّ، على العموم الله يسامح كل من كتب عني أشياء كاذبة وغير صحيحة، والزمن كفيل والأيام كفيلة بأن تكذّب كل الشائعات.
• في بداية حديثنا استوقفتني جملة قلتها بأنك عشت في أميركا أجمل أيام حياتك، فكيف تكون هذه الأيام جميلة وأنت عشتها بين المستشفيات وعيادات الأطباء؟
- رغم أنني كنت أعالج في أميركا، إلا أنني وبعدما تحسنت حالتي الصحية بدأت أستمتع بوقتي ودفء مشاعر أسرتي، وكنت أقضي النهار أتمشى في الشوارع وأمارس الرياضة، وفي بيت إبني كنت أعيش مدلّلة بعيداً عن أية تليفونات أو أية مصادر إزعاج، كنت أصحو وأنا على علم بأن اليوم هو ملكي ولا واجبات عليّ، فكنت ألبس بشكل طبيعي وأتمشى وأعيش كأية امرأة، وإبني لم يتركني دقيقة، وزوجته طيبة الى أقصى حد وكانت حنونة عليّ وكأنها إبنتي وأكثر.
• أي لا توجد بينكما مشاكل الحماة والكنّة؟
- بالعكس فهي التي كانت تذهب معي الى عيادات الأطباء، فهي امرأة مدهشة، وعشت بسعادة بين إبني وحفيدي.
• وماذا عن هويدا؟
- الحمد لله، هويدا سعيدة في أميركا وهي تعلّم في أحد المعاهد رقص الباليه وهي ستعود الى لبنان فور حصولها على الباسبور الأميركي، وهويدا كانت معي حنونة جداً والحمد لله أن إبني صباح وابنتي هويدا عاملاني بطريقة جميلة جداً، وليس مثل غير أولاد وحسب ما أسمع هم يتمنون موت أهلهم.